للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأكثر ما كان يبول وهو قاعد، حتَّى قالت عائشة: من حدَّثكم أنه كان يبول قائمًا فلا تصدِّقوه، ما كان يبول إلا قاعدًا (١). وقد روى مسلم في «صحيحه» (٢) من حديث حذيفة أنه - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا. فقيل: هذا بيان للجواز، وقيل: إنما فعله من وجع كان بمَأْبِضه، وقيل: فعله استشفاءً. قال الشافعي: والعرب تستشفي من وجع الصلب بالبول قائمًا (٣). والصحيح أنه إنما فعل ذلك تنزُّهًا وبعدًا من إصابة البول، فإنه إنما فعل هذا لما أتى سُبَاطة قوم ــ وهي مُلقى الكُناسة ــ وتسمَّى المزبلة، وهي تكون مرتفعةً، فلو بال فيها الرجل قاعدًا لارتدَّ عليه بولُه. وهو - صلى الله عليه وسلم - استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط، فلم يكن بدٌّ من بوله قائمًا. والله أعلم.

وقد ذكر الترمذي (٤) عن عمر بن الخطاب قال: رآني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبول


(١) أخرجه أحمد (٢٥٠٤٠) والترمذي (١٢) والنسائي في «المجتبى» (٢٩) وفي «الكبرى» (٢٥) وابن ماجه (٣٠٧) وابن حبان (١٤٣٠) والحاكم (١/ ١٨١، ١٨٥) وصححه، وقال الترمذي: «حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح». وانظر: «السلسلة الصحيحة» (٢٠١).
(٢) برقم (٢٧٣). وأخرجه أيضًا البخاري (٢٢٤).
(٣) نقله البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ١٠١) وقال: «وقد ذكره الشافعي رحمه الله تعالى بمعناه». وانظر: «معرفة السنن» (١/ ٣٤١). ونسبه في «الفتح» (١/ ٣٣٠) إلى أحمد أيضًا.
(٤) عقب الحديث (١٢). وأخرجه عبد الرزاق (١٥٩٢٤) ــ ومن طريقه ابن ماجه (٣٠٨) وأبو عوانة (٥٨٩٩) ــ عن ابن جريج عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن نافع عن ابن عمر عن عمر به. وأخرجه ابن حبان (١٤٢٣) من طريق آخر عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر، وابن جريج لم يسمعه من نافع، بل سمعه من عبد الكريم بن أبي المخارق. قال الألباني في «الصحيحة» (١/ ٢٠٠): «وأما النهي عن البول قائمًا فلم يصح فيه حديث، مثل حديث: «لا تبل قائمًا»، وانظر: «الضعيفة» (٩٣٨).