للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخراجه، حرُمَ عليه الإيلاج وإن كان في زمن الإباحة؛ لوجود الإخراج في زمن الحظر. كذلك هاهنا يحرم عليه الإيلاج وإن كان قبل الطَّلاق؛ لوجود الإخراج بعده.

والثَّاني: أنَّه لا يحرم عليه الإيلاج، قال الماوردي (١): وهو قول سائر أصحابنا؛ لأنَّها زوجته، ولا يحرم عليه الإخراج لأنَّه تَرْكٌ، وإن طلقت بالإيلاج، ويكون المحرَّم بهذا الوطء استدامة الإيلاج، لا الابتداء والنَّزع. وهذا ظاهر نصِّ الشَّافعيِّ، فإنَّه قال (٢): لو طلع الفجر على الصَّائم وهو مجامعٌ، وأخرجه مكانه، كان على صومه. فإن مكث لغيرِ إخراجه أفطر ويكفِّر. وقال في كتاب الإيلاء (٣): ولو قال إن وطئتكِ فأنت طالقٌ ثلاثًا وُقِف، فإن فاء فإذا غيَّب الحشفة طلقت منه ثلاثًا، فإن أخرجه ثمَّ أدخله فعليه مهرُ مثلِها.

قال هؤلاء: ويدلُّ على الجواز أنَّ رجلًا لو قال لرجلٍ: ادخلْ داري ولا تُقِمْ، استباح الدُّخول لوجوده عن إذنٍ، ووجب عليه الخروج لمنعه من المقام، ويكون الخروج وإن كان في زمن الحظر مباحًا؛ لأنَّه تَرْكٌ، كذلك هذا المُؤلي يستبيح أن يولج، ويستبيح أن ينزع، ويَحرُم عليه استدامة الإيلاج. والخلاف في الإيلاج قبل الفجر والنَّزْع بعده للصَّائم كالخلاف في المُؤلي، وقيل: يَحرُم على الصَّائم الإيلاج قبلَ الفجر، ولا يَحرُم على المؤلي، والفرق أنَّ التَّحريم قد يطرأ على الصَّائم بغير الإيلاج، فجاز أن يحرم عليه


(١) في «الحاوي الكبير» (١٠/ ٨٥٩).
(٢) في «الأم» (٣/ ٢٤٦) بنحوه. والمؤلف ينقل من «الحاوي».
(٣) «الأم» (٦/ ٦٧٥)، و «مختصر المزني» (ص ١٩٨).