للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاهنا صفةٌ بمعنى غير، والمعنى: ولم يكن لهم شهداء غير أنفسهم، فإنَّ «غير» و «إلَّا» تتقارضان (١) الوصفيَّة والاستثناء، فيُستثنى بـ «غير» حملًا على «إلَّا»، ويوصف بـ «إلّا» حملًا على «غير».

ويقال ثانيًا: إنَّ «أنفسهم» مستثنَيْنَ (٢) من الشُّهداء، ولكن يجوز أن يكون منقطعًا على لغة بني تميمٍ، فإنَّهم يُبدِلون في الانقطاع كما يُبدِل أهل الحجاز وهم في الاتِّصال.

ويقال ثالثًا: إنَّما استثنى أنفسهم من الشُّهداء؛ لأنَّه نزَّلهم منزلتهم في قبول قولهم، وهذا قويٌّ جدًّا على قول من يرجم المرأة بالْتِعان الزَّوج إذا نَكَلَتْ، وهو الصَّحيح كما يأتي تقريره إن شاء الله.

والصَّحيح أنَّ لعانهم يجمع الوصفين: اليمين والشَّهادة، فهو شهادةٌ مؤكَّدةٌ بالقسم والتَّكرار، ويمينٌ مغلَّظةٌ بلفظ الشَّهادة والتَّكرار؛ لاقتضاء الحال تأكيدَ الأمر، ولهذا اعتبر فيه من التَّأكيد عشرة أنواعٍ:

أحدها: ذكر لفظ الشَّهادة.

الثَّاني: ذكر القسم بأحدِ أسماء الرَّبِّ سبحانه وأجمَعِها لمعاني أسمائه الحسنى، وهو اسمه «الله» جلَّ ذكره.

الثَّالث: تأكيد الجواب بما يُؤكَّد به المُقْسَم عليه من «إنَّ» و «اللَّام»، وإتيانه باسم الفاعل الذي هو صادقٌ وكاذبٌ دون الفعل الذي هو صدق وكذب.


(١) في المطبوع: «يتعاوضان». والمثبت من النسخ هو الصواب. يقال: تقارضا الشيءَ والأمرَ: تبادلاه.
(٢) كذا في النسخ. والصواب: «مستثنَونَ». وفي المطبوع: «مستثنى».