للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يسألُني الله عن سنَّةٍ أحدثتُها فيكم لم أُؤْمَرْ بها» (١). وهذا في الأقضية والأحكام والسُّنن الكلِّيَّة، وأمَّا الأمور الجزئيَّة التي لا ترجع إلى أحكامٍ كالنُّزول في منزلٍ معيَّنٍ وتأمير (٢) رجلٍ معيَّنٍ، ونحو ذلك ممَّا هو متعلَّقُ المشاورة (٣)

المأمور بها بقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩]، فتلك للرَّأي فيها مدخلٌ، ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في شأن تلقيح النَّخل: «إنَّما هو رأيٌ رأيته» (٤). فهذا القسم شيءٌ، والأحكام والسُّنن الكلِّيَّة شيءٌ آخر.


(١) أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ» (٢/ ٦١٢)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (٢/ ٢٨٧)، وأبو نعيم في «المعرفة» (٤/ ١٩٠٤، ٦/ ٣٠٦٩)، وعزاه في «كنز العمال» (٩٧٤٨) للطبراني في «الكبير» والبغوي، بلفظ: «لا يسألني الله عز وجل عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها». وقد اختلف في إسناد هذا الحديث، وفي اسمِ راويه وصحبتِه على أوجهٍ ذكرها الحافظ في «الإصابة» (٣/ ٤٣٥)، ورجَّح كونه صحابيًّا، وأن اسمه طلحة بن نضيلة، وقال: «هذا هو المعتمد، وما عداه وهم»، ورجح ابن ناصر الدين إرسالَه في «افتتاح القاري» (ص ٣٢٠)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٤/ ١٠٠): «رواه الطبراني في الكبير، وفيه بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي ووثقه غيره، وبقية رجاله ثقات». وأصل الحديث ــ دون هذاللفظ ــ عند أحمد (١٢٥٩١)، والدارمي (٢٥٨٧)، وابن ماجه (٢٢٠٠)، وأبي داود (٣٤٥١)، والترمذي (١٣١٤) من حديث أنس. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(٢) م: «وتأثير». والتصحيح في هامشها.
(٣) في المطبوع: «متعلقٌ بالمشاورة». والمثبت من النسخ ..
(٤) أخرجه بنحوه مسلم (٢٣٦١، ٢٣٦٢، ٢٣٦٣) ولفظه: «إني إنما ظننتُ ظنًا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئًا، فخذوا به، فإني لن أكذب على الله عزَّ وجلَّ».