للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومذهب علي: أنَّه يُقتَل به. والَّذي غَرَّه ما رواه سعيد بن منصورٍ في «سننه» (١): أنَّ عمر بن الخطَّاب بينا هو يومًا يتغدَّى إذ جاء رجلٌ يعدو، وفي يده سيفٌ ملطَّخٌ بدمٍ، ووراءه قومٌ يَعْدُون، فجاء حتَّى جلس مع عمر، فجاء الآخرون فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا قتل صاحبنا، فقال له عمر: ما تقول؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إنِّي ضربتُ فخذَيِ امرأتي، فإن كان بينهما أحدٌ فقد قتلتُه، فقال عمر: ما تقولون؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّه ضربَ بالسَّيف فوقع في وسط الرَّجل وفخذَي المرأة، فأخذ عمر سيفَه فهَزَّه، ثمَّ دفعه إليه وقال: إن عادوا فعُدْ. فهذا ما نُقِل عن عمر - رضي الله عنه - .

وأمَّا علي فسئل عمَّن وجد مع امرأته رجلًا فقتله، فقال: إن لم يأتِ بأربعة شهداء فلْيُعْطَ بِرُمَّته (٢). فظنَّ أنَّ هذا خلافٌ (٣) للمنقول عن عمر، فجعلها مسألة خلافٍ بين الصَّحابة، وأنتَ إذا تأمَّلتَ حكمَيْهما لم تجد بينهما اختلافًا، فإنَّ عمر - رضي الله عنه - إنَّما أسقط عنه القَوَد لمَّا اعترف الوليُّ بأنَّه كان مع امرأته، وقد قال أصحابنا ــ واللَّفظ لصاحب «المغني» (٤) ــ: فإن اعترف الوليُّ بذلك فلا قصاصَ ولا ديةَ؛ لما رُوِي عن عمر، ثمَّ ساق القصَّة. وكلامه يعطي أنَّه لا فرقَ بين أن يكون مُحصَنًا أو غير محصَنٍ، وكذلك حكم


(١) كما في «المغني» (١١/ ٤٦٢، ١٢/ ٥٣٥) من طريق هشيم عن مغيرة بن مقسم عن إبراهيم عن عمر؛ وسنده ضعيف؛ للانقطاع؛ إبراهيم لم يدرك عمر.
(٢) أخرجه مالك (٢١٥٤) ــ وعنه الشافعي في «الأم» (٧/ ٧٥، ٣٤٦) ــ وعبد الرزاق (١٧٩١٥) وابن أبي شيبة (٢٨٤٥٨) من طريق سعيد بن المسيب عنه، ورجاله ثقات، غير أنَّ في سماع سعيد من عليٍّ خلافًا.
(٣) د، ص، ز، ب: «خلافًا».
(٤) (١١/ ٤٦٢).