للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنظر حرمةً أو عورةً، فلهم حَذْفُه (١) وطَعْنُه في عينه، فإن انقلعتْ عينُه فلا ضمانَ عليهم. قال القاضي أبو يعلى: هذا ظاهر كلام أحمد أنَّهم يدفعونه ولا ضمان عليهم، من غير تفصيلٍ.

وفصَّل ابن حامد فقال: يدفعه بالأسهل فالأسهل، فيبدأ بقوله: انصرِفْ واذهَبْ، وإلَّا نفعل بك (٢).

قلت: وليس في كلام أحمد ولا في السُّنَّة الصَّحيحة ما يقتضي هذا التَّفصيل، بل الأحاديث الصَّحيحة تدلُّ على خلافه، فإنَّ في «الصَّحيحين» (٣) عن أنس: أنَّ رجلًا اطَّلع من جُحرٍ في حُجرة (٤) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقام إليه بمِشْقَصٍ أو بمَشاقِصَ، وجعل يَخْتِلُه ليطعنَه. فأين الدَّفع بالأسهل وهو - صلى الله عليه وسلم - يَخْتِله أو (٥) يختبئ له ويختفي ليطعنه؟

وفي «الصَّحيحين» (٦) أيضًا من حديث سهل بن سعدٍ: أنَّ رجلًا اطَّلع في جُحْرِ بابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي يد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ به (٧) رأسه، فلمَّا رآه قال: «لو أعلم أنَّك تنظرني لطعنتُ به عينَك (٨)، إنَّما جُعِل الاستئذان من أجل


(١) كذا في النسخ بالحاء، وهو بمعنى الرمي مثل الخذف بالخاء.
(٢) بعدها في المطبوع: «كذا»، وليست في النسخ و «المستوعب».
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٠٠)، ومسلم (٢١٥٧).
(٤) في المطبوع: «في بعض حجر» خلاف النسخ.
(٥) ص، ب: «أي».
(٦) د، ص، ز، ب: «الصحيح»، والمثبت من م. وقد أخرجه البخاري (٦٩٠١)، ومسلم (٢١٥٦).
(٧) ز، ب: «بها».
(٨) م: «عينك بها».