للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفويتُ نسبِه بخروج القرعة له (١)، فيقال: وطء كلِّ واحدٍ صالحٌ لجعْلِ الولد له، فقد فوَّتَه كلُّ واحدٍ منهم على صاحبيه بوطئه، ولكن لم يتحقَّق مَن كان له الولد منهم، فلمَّا أخرجته القرعة لأحدهم صار مفوِّتًا لنسبه عن صاحبيه، فأُجرِي ذلك مُجرَى إتلاف الولد، ونُزِّلَ الثَّلاثةُ منزلة أبٍ واحدٍ، فحصَّة المُتلِف منه ثلثُ الدِّية، إذ قد عاد الولد له، فيَغْرَمُ لكلٍّ من صاحبيه ما يَخُصُّه، وهو ثلثُ الدِّية.

ووجهٌ آخر أحسنُ من هذا، أنَّه لمَّا أتلفه عليهما بوطئِه ولحوقِ الولد به وجب عليه ضمان قيمته، وقيمة الولد شرعًا هي ديته، فلزِمَه لهما ثُلثا قيمته، وهي ثُلثا الدِّية، وصار هذا كمن أتلف عبدًا بينه وبين شريكين له، فإنَّه يجب عليه ثُلثا القيمةِ لشريكَيْه، فإتلافُ الولد الحرِّ عليهما بحكم القرعة كإتلاف الرَّقيق الذي بينهم.

ونظير هذا تضمينُ الصَّحابة المغرورَ (٢) بحرِّيَّة الأمة قيمةَ أولاده لسيِّد الأمة لمَّا فات رقُّهم على السَّيِّد بحرّيتهم، وكانوا بصدد أن يكونوا أرقَّاء له (٣). وهذا ألطفُ ما يكون من القياس وأدقُّه، وأنت إذا تأمَّلت كثيرًا من أقيسة الفقهاء وتشبيهاتهم (٤) وجدتَ هذا أقوى منها، وألطفَ مسلكًا، وأدقَّ مأخذًا، ولم يضحك منه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سُدًى.


(١) «له» ليست في المطبوع.
(٢) د: «للمغرور».
(٣) «له» ساقطة من المطبوع.
(٤) ص، د، ز: «وشبهاتهم».