للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستُدِلَّ بالحديث على القضاء على الغائب، فإنَّ الأب لم يُذكَر له حضورٌ ولا مخاصمةٌ. ولا دلالةَ فيه، لأنَّها واقعة عينٍ، فإن كان الأب حاضرًا فظاهرٌ، وإن كان غائبًا فالمرأة إنَّما جاءت مستفتيةً، فأفتاها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بمقتضى مسألتها، وإلَّا فلا يُقبل قولها على الزَّوج إنَّه طلَّقها حتَّى يُحكم لها بالولد بمجرَّد قولها.

فصل

ودلَّ الحديث على أنَّه إذا افترق الأبوان وبينهما ولدٌ فالأمُّ أحقُّ به من الأب، ما لم يَقُم بالأمِّ ما يمنع تقديمَها، أو بالولد وصفٌ (١) يقتضي تخييرَه. وهذا ما لا يُعرف فيه نزاعٌ، وقد قضى به خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢) على عمر بن الخطَّاب، ولم يُنْكِرْه عليه مُنِكرٌ. فلمَّا ولي عمر قضى بمثله، فروى مالك في «الموطَّأ» (٣) عن يحيى بن سعيدٍ أنَّه قال: سمعت القاسم بن محمَّدٍ يقول: كانت عند عمر بن الخطَّاب امرأةٌ من الأنصار، فولدتْ له عاصمَ بن عمر، ثمَّ إنَّ عمر فارقَها، فجاء عمر قُباء، فوجد ابنه عاصمًا يلعب بفِنَاء المسجد، فأخذ بعَضُدِه، فوضعه (٤) بين يديه على الدَّابَّة، فأدركتْه جدَّةُ الغلام، فنازعتْه إيَّاه، حتَّى أتيا أبا بكرٍ الصِّدِّيق، فقال عمر: ابني، وقالت


(١) ح: «وصبي»، تحريف.
(٢) بعدها في المطبوع: «أبو بكر». وليس في النسخ.
(٣) برقم (٢٢٣٠)، ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٨/ ٧)، وإسناده منقطع، القاسم لم يدرك عمر. وأخرجه مختصرًا عبد الرزاق (١٢٦٠٢) وابن أبي شيبة (١٩٤٦٥) من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد به.
(٤) «فوضعه» ليست في ح.