أبي الأب والعمَّات، وهو الصَّحيح، فإنَّ الخالة أخت الأمِّ، وبها تُدلِي، والأمُّ مقدَّمةٌ على الأب، وابن الأخ إنَّما يُدلِي بالأخ الذي يُدلِي بالأب، فكيف يُقدَّم على الخالة؟ وكذا العمَّة أخت الأب وشقيقته، فكيف يُقدَّم ابنُ ابنه عليها؟
وقد ضبط هذا الباب شيخنا شيخ الإسلام ابن تيميَّة بضابطٍ آخر، فقال (١): أقربُ ما يُضبط به باب الحضانة أن يقال: لمَّا كانت الحضانة ولايةً تعتمد الشَّفقة والتَّربية والملاطفة كان أحقُّ النَّاس بها أقومَهم بهذه الصِّفات، وهم أقاربه، يُقدَّم منهم أقربُهم إليه وأقومُهم بصفات الحضانة. فإن اجتمع منهم اثنان فصاعدًا، فإن استوت درجتهم قُدِّم الأنثى على الذَّكر، فتُقدَّم الأمُّ على الأب، والجدَّة على الجدِّ، والخالة على الخال، والعمَّة على العمِّ، والأخت على الأخ. فإن كانا ذكرين أو أنثيين قُدِّم أحدهما بالقرعة يعني مع استواء درجتهما. وإن اختلفت درجتهم من الطِّفل، فإن كانوا من جهةٍ واحدةٍ قُدِّم الأقرب إليه، فتُقدَّم الأخت على ابنتها، والخالة على خالة الأبوين، وخالة الأبوين على خالة الجدِّ، والجدَّة والجدُّ أبو الأمِّ على الأخ للأمِّ. هذا هو الصَّحيح؛ لأنَّ جهة الأبوَّة والأمومة في الحضانة أقوى من جهة الأخوَّة فيها. وقيل: يُقدَّم الأخ للأمِّ لأنَّه أقوى من أبي الأمِّ في الميراث. والوجهان في مذهب أحمد.
وفيه وجهٌ ثالثٌ: لا حضانةَ للأخ من الأمِّ بحال؛ لأنَّه ليس من العصبات ولا من نساء الحضانة، وكذلك الخال أيضًا، فإنَّ صاحب هذا الوجه يقول: لا حضانةَ له، ولا نزاع أنَّ أبا الأمِّ وأمَّهاته أولى من الخال، وإن كانوا من
(١) لم أجد هذا النصّ في كتبه المطبوعة، وله «قاعدة في حضانة الولد» نشرتُها في «جامع المسائل» (٣/ ٣٩٧ - ٤٣٠).