للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتوقَّف عَودُها على (١) انقضاء العدَّة؟ على قولين، وهما في مذهب أحمد والشَّافعيِّ ومالك، أحدهما: يعود بمجرَّده، وهو ظاهر مذهب الشَّافعيِّ. والثَّاني: لا يعود حتَّى تنقضي العدَّة، وهو قول أبي حنيفة والمزني. هذا كلُّه تفريعٌ على أنَّ قوله: «ما لم تنكحي» تعليلٌ، وهو قول الأكثرين.

وقال مالك في المشهور من مذهبه: إذا تزوَّجت ودخل بها لم يَعُدْ حقُّها من الحضانة وإن طُلِّقت. قال بعض أصحابه: وهذا بناءً على أنَّ قوله «ما لم تنكحي» للتَّوقيت، أي: حقُّك من الحضانة موقَّتٌ إلى حين نكاحك، فإذا نكحتِ انقضى وقت الحضانة، فلا يعود بعد انقضاء وقتها، كما لو انقضى وقتها ببلوغ الطِّفل واستغنائه عنها. وقال بعض أصحابه: يعود حقُّها إذا فارقَها زوجها، كقول الجمهور، وهو قول المغيرة وابن أبي حازم. قالوا: لأنَّ المقتضي لحقِّها من الحضانة هو قرابتها الخاصَّة، وإنَّما عارضها مانعُ النِّكاح؛ لما يوجبه من إضاعة الطِّفل، واشتغالها بحقوق الزَّوج الأجنبيِّ منه عن مصالحه، ولما فيه من تغذيته وتربيته في نعمة غير أقاربه، وعليهم في ذلك مِنَّةٌ وغَضاضةٌ. فإذا انقطع النِّكاح (٢) بموتٍ أو فرقةٍ زال المانع (٣) والمقتضي قائمٌ، فترتَّب عليه أثره. وهكذا كلُّ من قام به من أهل الحضانة مانعٌ منها، ككفرٍ أو رقٍّ أو فسقٍ أو بدوٍ، فإنَّه لا حضانة له، فإن زالت الموانع عاد حقُّهم من الحضانة، فهكذا النِّكاح والفرقة.

وأمَّا النِّزاع في عَود الحضانة بمجرَّد الطَّلاق الرَّجعيِّ، أو توقُّفه على


(١) ز: «إلى».
(٢) د: «بالنكاح».
(٣) ز: «المعنى».