للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقلب حزين. ولهذا يقال لما يُفرَح به: هو قُرَّة عين، وأقرَّ الله عينه به؛ ولما يُحزِن: هو سُخْنةُ عين، وأسخن الله عينه به.

والسابع: بكاء الخوَر والضعف.

والثامن: بكاء النفاق، وهو أن تدمع العين والقلب قاس (١)، فيظهر صاحبه الخشوع وهو من أقسى الناس قلبًا.

والتاسع: البكاء المستعار والمستأجَر عليه، كبكاء النائحة بالأجرة، فإنها كما قال عمر بن الخطاب: تبيع عبرتَها، وتبكي بشجو (٢) غيرها (٣).

والعاشر: بكاء الموافقة، وهو أن يرى الرجلُ الناسَ يبكون لأمرٍ ورد عليهم فيبكي معهم، ولا يدري لأيِّ شيء يبكون، ولكن رآهم يبكون، فبكى.

وما كان من ذلك دمعًا بلا صوت فهو بُكًى ــ مقصور ــ وما كان معه صوت فهو بكاء ــ ممدود ــ على بناء الأصوات (٤). قال الشاعر (٥):


(١) رسمه في النسخ بالياء: «قاسي».
(٢) ك، ع، مب، ن: «شجو»، وفي «تاريخ المدينة» كما أثبت من ص، ج.
(٣) انظر: «نثر الدر» (٢/ ٢١). وبنحوه أخرجه عمر بن شبه في «تاريخ المدينة» (٣/ ٧٩٩)، انظر: «مسند الفاروق» لابن كثير (١/ ٣٤٧، ٣٤٨ - دار الفلاح). وإسناده منقطع بين الأوزاعي وعمر - رضي الله عنه -.
(٤) انظر: «الصحاح» للجوهري (بكى) و «الأفعال» لابن القطاع (١/ ١٠٨).
(٥) من قصيدة أنشدها ابن إسحاق لعبد الله بن رواحة يبكي حمزة بن عبد المطلب. وقال ابن هشام في «السيرة» (٢/ ١٦٢): «أنشدنيها أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك»، وصوَّب ذلك ابن بري. وتنسب أيضًا إلى حسان بن ثابت. انظر: «لسان العرب» (بكى) و «الحماسة البصرية» (٢/ ٦٠٤).