للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهما: «ادعُواها»، فمالت الصَّبيَّة إلى أمِّها، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهمَّ اهْدِها»، فمالت إلى أبيها فأخذها.

قالوا: ولأنَّ الحضانة أمران: الرِّضاع وخدمة الطِّفل، وكلاهما يجوز من الكافرة (١).

قال الآخرون: هذا الحديث هو من رواية عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سِنان الأنصاري الأَوْسي، وقد ضعَّفه إمام العلل يحيى بن سعيدٍ القطَّان، وكان سفيان الثَّوريُّ يحمل عليه (٢)، وضعَّف ابن المنذر الحديث، وضعَّفه غيره. وقد اضطرب في القصَّة، فروى أنَّ المخيَّر كان بنتًا، وروى أنَّه كان ابنًا. وقال الشَّيخ في «المغني» (٣): وأمَّا الحديث فقد روي على غير هذا الوجه، ولا يُثبِته أهل النَّقل، وفي إسناده مقالٌ، قاله ابن المنذر.

ثمَّ إنَّ الحديث قد يُحتجُّ به على صحَّة مذهب من اشترط الإسلام، فإنَّ الصَّبيَّة لمَّا مالت إلى أمِّها دعا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لها بالهداية، فمالت إلى أبيها، وهذا يدلُّ على أنَّ كونها مع الكافر خلافُ هدى الله الذي أراده من عباده، ولو استقرَّ جعْلُها مع أمِّها لكان فيه حجَّةٌ، بل أبطله الله سبحانه بدعوة رسوله.

ومن العجب أنَّهم يقولون: لا حضانة للفاسق، فأيُّ فسقٍ أكبر من الكفر؟ وأين الضَّرر المتوقَّع من الفاسق بنشوء الطِّفل على طريقته إلى الضَّرر


(١) د، ص: «الكافر».
(٢) انظر: «البدر المنير» (٨/ ٣٢١).
(٣) (١١/ ٤١٣).