للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتدَّ غضبه، كأنه منذر جيش يقول: صبَّحكم، مسَّاكم. ويقول: «بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين» ويقرُن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: «أما بعد، فإنَّ خيرَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هدي محمد. وشرُّ الأمور محدَثاتها، وكلُّ بدعة ضلالة» (١).

وكان لا يخطب خطبةً إلا افتتحها بحمد الله. وأما قول كثير من الفقهاء: إنه يفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وخطبة العيد بالتكبير فليس معهم به سنَّة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - البتة. والسنَّةُ تقتضي خلافه، وهو افتتاح جميع الخطب بالحمد لله (٢)، وهو أحد الوجوه الثلاثة لأصحاب أحمد، وهو اختيار شيخنا قدَّس الله روحه (٣).

وكان يخطب قائمًا. وفي مراسيل عطاء (٤) وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صعِد المنبر أقبل بوجهه على الناس، ثم قال: «السلام عليكم». قال الشعبي (٥): وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك.

وكان يختم خطبه بالاستغفار. وكان كثيرًا ما يخطب بالقرآن. وفي «صحيح مسلم» (٦) عن أم هشام بنت حارثة قالت: ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ


(١) أخرجه مسلم (٨٦٧).
(٢) لم يرد «لله» في ص، ج.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤). وسيأتي ذكر المسألة واختيار شيخ الإسلام مرة أخرى.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٥٢٨١).
(٥) المصدر السابق (٥٢٨٢).
(٦) برقم (٨٧٣)، واللفظ لأحمد (٢٧٤٥٦).