للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأقوال ثلاثةٌ: التَّقدير فيهما كقول الشَّافعيِّ وحده، وعدم التَّقدير فيهما كقول مالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الرِّوايتين، والتَّقدير في الكفَّارة دون النَّفقة كالرِّواية الأخرى عنه.

قال مَن نصر هذا القول: الفرق بين النَّفقة والكفَّارة أنَّ الكفَّارة لا تختلف باليسار والإعسار، ولا هي مقدَّرةٌ بالكفاية (١)، ولا أوجبها الشَّارع بالمعروف كنفقة الزَّوجة والخادم، والإطعام فيها حقٌّ لله تعالى، لا لآدميٍّ معيَّنٍ فيرضى بالعوض عنه؛ ولهذا لو أخرج القيمة لم يُجزِئه. وروي التَّقدير فيها عن الصَّحابة، فقال القاضي إسماعيل (٢): حدَّثنا حجَّاج بن المنهال، ثنا أبو عوانة، عن منصور، عن أبي وائل، عن يسار بن نمير قال: قال عمر: إنَّ ناسًا يأتوني يسألوني، فأحلف أنِّي لا أعطيهم، ثمَّ يبدو لي أن أُعطِيهم، فإذا أمرتُك أن تُكفِّر عنّي فأطعِمْ عنِّي عشرة مساكين، لكلِّ مسكينٍ صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ، أو نصفَ صاعٍ من برٍّ.

حدَّثنا حجَّاج بن المنهال وسليمان بن حربٍ قالا: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن سلمة بن كُهيلٍ، عن يحيى بن عبَّاد، أنَّ عمر بن الخطَّاب قال: يا يَرْفَأ، إذا حلفتُ فحَنِثْتُ، فأَطعِمْ عنِّي ليميني خمسةَ أصواعٍ (٣) عشرة


(١) د، ص، ز: «بالكفارة».
(٢) لم أقف عليه في القدر المطبوع من «أحكام القرآن» للقاضي إسماعيل، وإسناده صحيح، وأخرجه عبد الرزاق (١٦٠٧٥، ١٦٠٧٦)، وسعيد بن منصور في «التفسير» (٧٨٥، ٧٨٧)، وابن أبي شيبة (١٢٣٢٣)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ١٢١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٩٥) من طرق عن يسار بن نمير عن عمر به.
(٣) كذا في النسخ، جمع صَاع. انظر: «لسان العرب» و «شمس العلوم» و «المصباح المنير» (صوع). وفي المطبوع: «أصوُع».