وهذا ينصرف إلى سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغايته أن يكون من مراسيل سعيد بن المسيَّب.
واختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة على أقوالٍ:
أحدها: أنَّه يُجبَر على أن يُنفِق أو يُطلِّق، روى سفيان عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ عن ابن المسيَّب قال: إذا لم يجد الرَّجل ما ينفق على امرأته أُجبِر على طلاقها (١).
الثَّاني: إنَّما يطلِّقها عليه الحاكم، وهذا قول مالك؛ لكنَّه قال: يُؤجَّل في عدم النَّفقة شهرًا ونحوه، فإن انقضى الأجل وهي حائضٌ أُخِّر حتَّى تَطْهُر، وفي الصَّداق عامين، ثمَّ يُطلِّقها عليه الحاكم طلقةً رجعيَّةً، فإن أيسرَ في العدَّة فله ارتجاعها.
وللشَّافعيِّ قولان:
أحدهما: أنَّ الزَّوجة تُخيَّر، إن شاءت أقامت معه، وتبقى نفقة المعسر دَينًا لها في ذمَّته. قال أصحابه: هذا إذا أمكنَتْه من نفسها، وإن لم تمكِّنه سقطتْ نفقتها، وإن شاءت فسخت النِّكاح.
والقول الثَّاني: ليس لها أن تفسخ، لكن يرفع الزَّوج يده عنها لتكتسب. والمذهب أنَّها تملك الفسخ.
قالوا: وهل هو طلاقٌ أو فسخٌ؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنَّه طلاقٌ، فلا بدَّ من الرَّفع إلى القاضي حتَّى يُلزِمه أن يُطلِّق أو يُنفِق، فإن أبى طلَّق الحاكم عليه طلقةً رجعيَّةً، فإن راجعها طلَّق عليه ثانيةً،
(١) أخرجه بهذا الإسناد ابن أبي شيبة (١٩٣٥٧). وهو في «المغني» (١١/ ٣٦١).