للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتارةً يُقبِل بيديه ويُدبِر، وعليه يُحمَل حديث من قال: مسَح برأسه مرتين (١).

والصحيح أنه لم يكن يكرِّر مسح رأسه، بل كان إذا كرَّر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس. هكذا جاء عنه صريحًا، ولم يصحَّ عنه خلافه (٢) البتة، بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي: توضَّأ ثلاثًا ثلاثًا، وكقوله: مسح برأسه مرتين؛ وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البَيْلَماني عن أبيه عن [ابن] عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضَّأ فغسل كفَّيه ثلاثًا»، ثم قال: «ومسح برأسه ثلاثًا» (٣). وهذا لا يُحتَجُّ به، وابن البَيْلَماني وأبوه ضعيفان (٤)، وإن كان الأب أحسن حالًا. وكحديث عثمان الذي رواه أبو داود (٥) أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه ثلاثًا. وقال أبو داود (٦): أحاديث عثمان الصحاح كلُّها تدل على أن مسح الرأس مرةً، ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمَّل على العمامة.


(١) أخرجه أحمد (٢٧٠١٥) وأبو داود (١٢٧) من حديث الربيع بنت معوذ. فيه عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وهو ضعيف. وانظر تعليق محققي «المسند».
(٢) ك: «خلافًا»!
(٣) أخرجه الدارقطني (٣٠٧) وما بين الحاصرتين منه. وأخرجه أيضًا (٣٠٥) من حديث ابن البيلماني عن أبيه عن عثمان.
(٤) ك، ع، مب، ن: «مضعفان».
(٥) برقم (١١٠) وابن خزيمة (١٥١) والدارقطني (٣٠٢). وفي إسناده عامر بن شقيق، فيه لين، وقد أعله أبو داود بقوله: «رواه وكيع عن إسرائيل قال: توضأ ثلاثًا، فقط» أي بدون التعرض للمسح. وله طرق أخرى عند الدارقطني (٣٠١ - ٣٠٥)، وكلها ضعيفة. انظر: «التلخيص الحبير» (١/ ٢١٨ - ٢٢١).
(٦) عقب (١٠٨).