للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدًّا، كما لو كان المرتضع بنتًا واحدةً. وإذا صار جدًّا كان أولاده الذين هم إخوة البنات أخوالًا وخالاتٍ، لأنَّهنَّ إخوةُ من كمُلَ له منهنَّ خمسُ رضعاتٍ، فنُزِّلوا بالنِّسبة إليه منزلةَ أمٍّ واحدةٍ، والآخر لا يصير جدًّا ولا أخواتهنَّ خالاتٍ؛ لأنَّ كونه جدًّا فرعٌ على كون ابنته أمًّا، وكون أخيها خالًا فرعٌ على كون أخته أمًّا، ولم يثبت الأصل فلا يثبت فرعه.

وهذا الوجه أصحُّ في هذه المسألة بخلاف الَّتي قبلها؛ فإنَّ ثبوت الأبوَّة فيها لا يستلزم ثبوتَ الأمومة على الصَّحيح. والفرق بينهما: أنَّ الفرعيَّة متحقِّقةٌ في هذه المسألة بين المرضعات وأبيهنَّ فإنَّهنَّ (١) بناته، واللَّبن ليس له، فالتَّحريم هنا بين المرضعة وابنها، فإذا لم تكن أمًّا لم يكن أبوها (٢) جدًّا. بخلاف تلك، فإنَّ التَّحريم بين المرتضع وبين صاحب اللَّبن، فسواءٌ ثبتت أمومةُ المرضعة أو لا. فعلى هذا إذا قلنا: يصير أخوهنَّ خالًا، فهل تكون كلُّ واحدةٍ منهنَّ خالةً له؟ فيه وجهان، أحدهما: لا تكون خالةً؛ لأنَّه لم يرتضع من لبن أخواتها خمسَ رضعاتٍ فلا تثبت الخُؤولة. والثَّاني: تثبت؛ لأنَّه قد اجتمع من اللَّبن المحرَّم خمسُ رضعاتٍ، فكان ما ارتضع منها ومن أخواتها مثبتًا للخؤولة، ولا تَثبتُ أمومةُ واحدةٍ منهنَّ إذ لم يرتضع منها خمس رضعاتٍ. ولا يُستبعد ثبوتُ خؤولةٍ بلا أمومةٍ، كما ثبت في لبن الفحل أبوَّةٌ بلا أمومةٍ.

وهذا ضعيفٌ، والفرق بينهما: أنَّ الخؤولة فرعٌ محضٌ على الأمومة،


(١) د: «فإنه»، خطأ.
(٢) ص، ز، م: «أباها».