للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال من لم يقيِّده بالخمس: حديث الخمس لم تنقله عائشة نقْلَ الأخبار فيُحتجُّ به، وإنَّما نقلته نقْلَ القرآن، والقرآن إنَّما يثبت بالتَّواتر، والأمَّة لم تنقل ذلك قرآنًا، فلا يكون قرآنًا، وإذا لم يكن قرآنًا ولا خبرًا امتنع إثباتُ الحكم به.

قال أصحاب الخمس: الكلام فيما نُقِل من القرآن آحادًا في فصلين، أحدهما: كونه من القرآن، والثَّاني: وجوب العمل به. ولا ريبَ أنَّهما حكمان متغايران، فإنَّ الأوَّل يوجب انعقادَ الصَّلاة به، وتحريمَ مسِّه على المُحْدِث وقراءتِه على الجنب، وغير ذلك من أحكام القرآن، فإذا انتفت هذه الأحكام لعدم التَّواتر لم يلزم انتفاء العمل به، فإنَّه يكفي فيه الظَّنُّ. وقد احتجَّ كلُّ واحدٍ من الأئمَّة الأربعة به في موضعٍ، فاحتجَّ به الشَّافعيُّ وأحمد في هذا الموضع، واحتجَّ به أبو حنيفة في وجوب التَّتابع في صيام الكفَّارة بقراءة ابن مسعودٍ: «فصيام ثلاثة أيَّامٍ متتابعاتٍ» (١). واحتجَّ به مالك والصَّحابة قبله في فرض الواحد من ولد الأمِّ أنَّه السُّدس بقراءة أبيٍّ: «وإن كان رجلٌ يُورَث كلالةً أو امرأةٌ وله أخٌ أو أختٌ من أمٍّ، فلكلِّ واحدٍ منهما السُّدس» (٢)،


(١) رويت عن ابن مسعود من طرق، أصحها ما أخرجه سعيد بن منصور (٨٠٤ - التفسير) ــ ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٠/ ٦٠) ــ، وابن أبي شيبة (١٢٥٠٤)، وابن جرير في «تفسيره» (٨/ ٦٥٢)، وروي من طرق أخرى. وينظر: «مصنف عبد الرزاق» (١٦١٠٢ - ١٦١٠٤).
(٢) هي قراءة سعد بن أبي وقاص، وليست من قراءة أبي، أخرجها سعيد بن منصور (٥٩٢ - التفسير)، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ٢٩٧)، وابن جرير في «تفسيره» (٦/ ٤٨٣)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦/ ٢٣١) من طرق عن يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة بن قانف عن سعد بن أبي وقاص.