للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز تعليق الحكم بشهادة شاهدٍ لا شهادة له.

يوضِّحه أنَّ العدَّة في المنكوحات كالاستبراء في المملوكات، وقد ثبت بصريح السُّنَّة أنَّ الاستبراء بالحيض لا بالطُّهر، فكذلك العدَّة، إذ لا فرقَ بينهما إلا بتعدُّد العدَّة، والاكتفاء بالاستبراء بقرء واحدٍ، وهذا لا يوجب اختلافهما في حقيقة القرء، وإنَّما يختلفان في القدر المعتبر منهما.

ولهذا قال الشَّافعيُّ - رحمه الله - في أصحِّ القولين عنه: إنَّ استبراء الأمة يكون بالحيض، وفرَّق أصحابه بين البابين: بأنَّ العدَّة وجبت قضاءً لحقِّ الزَّوج، فاختصَّت بأزمان حقِّه، وهي أزمان الطُّهر، وبأنَّها تتكرَّر، فيُعْلَم معها البراءة بتوسُّط الحيض، بخلاف الاستبراء فإنَّه لا يتكرَّر، والمقصود منه مجرَّد البراءة، فاكتُفِي فيه بحيضةٍ. وقال في القول الآخر: تُستبرأ بطهرٍ طردًا لأصله في العِدَد، وعلى هذا فهل تحتسب (١) ببعض الطُّهر؟ على وجهين لأصحابه، فإن احتسبت به فلا بدَّ من ضَمِّ حيضةٍ كاملةٍ إليه، فإذا طعنتْ في الطُّهر الثَّاني حَلَّت. وإن (٢) لم تحتسب به فلا بدَّ من ضَمِّ طهرٍ كاملٍ إليه، ولا تحتسب ببعض الطُّهر عنده قرءًا قولًا واحدًا.

والمقصود أنَّ الجمهور على أنَّ عدَّة الاستبراء حيضةٌ لا طهرٌ، وهذا الاستبراء في حقِّ الأمة كالعدَّة في حقِّ الحرَّة، قالوا: بل الاعتداد في حقِّ الحرَّة بالحيض أولى من الأمة من وجهين:

أحدهما: أنَّ الاحتياط في حقِّها ثابتٌ بتكرير القرء، فهو ثلاث


(١) في جميع النسخ: «فلتحتسب» بدون «فهل». والمثبت من المطبوع.
(٢) م، د، ز: «ومن».