للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يقال للفرس مُحَجَّلٌ إلا إذا كان البياض في قَوائِمه كلِّها أو أكثرِها.

وهذا بابٌ طويلٌ لو تَقصَّيناه (١)، فكذلك لا يقال للطُّهر قرءًا (٢) إلا إذا كان قبله دمٌ وبعده دمٌ، فأين في هذا ما يدلُّ على أنَّه الحيض؟

قالوا: وأمَّا قولكم: إنَّه لم يجئ في كلام الشَّارع إلا للحيض، فنحن نمنع مجيئه في كلام الشَّارع للحيض (٣) البتَّةَ، فضلًا عن الحصر.

قالوا: إنَّه قال للمستحاضة: «دَعِي الصَّلاةَ أيَّام أقرائِك»، فقد أجاب الشَّافعيُّ عنه في «كتاب حَرملة» بما فيه شفاءٌ، وهذا لفظه (٤):

قال: وزعم إبراهيم بن إسماعيل بن عُلَيَّة أنَّ الأقراء الحيض، واحتجَّ بحديث سفيان، عن أيوب، عن سليمان بن يسارٍ، عن أم سلمة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في امرأةٍ استُحِيضتْ أن تَدَعَ الصَّلاة أيَّامَ أقرائِها (٥).

قال الشَّافعيُّ: وما حدَّث بهذا سفيان قطُّ، إنَّما قال سفيان: عن أيوب، عن سليمان بن يسارٍ، عن أم سلمة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تَدَعُ الصَّلاةَ عددَ اللَّيالي والأيَّام الَّتي كانت تحيضهنَّ»، أو قال: «أيَّامَ أقرائِها» (٦)، الشَّكُّ من


(١) عقد له بعض علماء اللغة بابًا في كتبهم، انظر: «الصاحبي» لابن فارس (ص ١١٨ - ١١٩)، و «فقه اللغة» للثعالبي (ص ٥٠ - ٥٣)، و «المدهش» لابن الجوزي (ص ٤٨)، و «المزهر» للسيوطي (١/ ٤٤٩ - ٤٥٣). واعتمد المؤلف هنا على الثعالبي.
(٢) كذا في النسخ منصوبًا.
(٣) ص، د: «للحيضة».
(٤) كما في «معرفة السنن والآثار» (١١/ ١٨٤، ١٨٥).
(٥) ينظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (٧/ ٤١٦).
(٦) أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (٨/ ١٤٨) من طريق الشافعي عن سفيان به. وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٤١٦) من طريق إبراهيم بن بشار عن سفيان عن أيوب بلفظ: «أيام أقرائها وأيام حيضها» من غير شك، ورواية إبراهيم عن سفيان متكلم فيها؛ لأنه كان يغير في الألفاظ كما قال الإمام أحمد، وتابع سفيان على روايته عن أيوب بلفظ: «أيام أقرائها» وهيب، وحماد بن زيد، وعبد الوارث بن سعيد، وإسماعيل بن علية، أخرجه عنهم الدارقطني (١/ ٣٨٥ ــ ٣٨٦)، ورواه وهيب عن أيوب مرة بلفظ: «أيام حيضها» كما عند الدارقطني (١/ ٣٨٥)، واختلف فيه الرواة في التعبير بلفظ الحيض والأقراء، ورجح البيهقي أن الصواب فيه روايته بالشك: «أيام أقرائها أو أيام حيضها» كما رجحه الشافعي.