للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر الزُّبير بن بكَّارٍ (١): أنَّ بعضهم قال: لا تَلِدُ لخمسين سنةً إلا عربيَّةٌ (٢)، ولا تلد لستِّين إلا قرشيَّةٌ، وقال: إنَّ هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن ربيعة (٣) ولدتْ موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ولها ستُّون سنةً.

وقد صحَّ عن عمر بن الخطَّاب في امرأةٍ طلِّقت فحاضت حيضةً أو حيضتين، ثمَّ يرتفع حيضها لا تدري ما رفعه: أنَّها تَربَّصُ تسعة أشهرٍ، فإن استبان بها حملٌ وإلَّا اعتدَّت ثلاثة أشهرٍ (٤).

وقد وافقه الأكثرون على هذا، منهم مالك وأحمد والشَّافعيُّ في القديم، قالوا: تتربَّص غالبَ مدَّة الحمل، ثمَّ تعتدُّ عدَّةَ الآيسة، ثمَّ تحلُّ للأزواج ولو كانت بنتَ ثلاثين سنةً أو أربعين. وهذا يقتضي أنَّ عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - ومن وافقه من السَّلف والخلف تكون المرأة آيسةً عندهم قبل الخمسين وقبل الأربعين، وأنَّ اليأس عندهم ليس وقتًا محدودًا للنِّساء، بل مثلُ هذه تكون آيسةً وإن كانت بنت ثلاثين، وغيرُها لا تكون آيسةً وإن بلغت خمسين. وإذا كانوا فيمن ارتفع حيضُها ولا تدري ما رفَعَه جعلوها آيسةً بعد تسعة


(١) نقله عنه ابن قدامة في «المغني» (١/ ٤٤٦، ١١/ ٢١٠).
(٢) في النسخ: «لا يلد ... إلا عربي». والتصويب من «المغني».
(٣) كذا في النسخ. والصواب: «زمعة» كما في «جمهرة أنساب العرب» (ص ١١٩) و «المغني».
(٤) أخرجه مالك (١٧٠٣) ــ ومن طريقه الشافعي في «الأم» (٦/ ٥٣٩) ــ وابن أبي شيبة (١٩٣٣٤)، من طريق ابن المسيب عن عمر، وابن المسيب لم يسمع من عمر، لكن روايته عنه مقبولة كما قال الإمام أحمد وغيره. وسيأتي لفظه قريبًا.