للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّ زوجها توفِّي وكانت تشتكي عينَها (١) فتكتحل بالجِلَاء (٢). (قال أحمد بن صالح: الصَّواب: بكُحْلِ الجِلاء) فأرسلتْ مولاةً لها إلى أم سلمة، فسألتْها عن كُحْل الجِلاء فقالت: لا تكتحلي (٣) به إلا من أمرٍ لا بدَّ منه يشتدُّ عليك، فتكتحلينَ باللَّيل وتمسحِينَه بالنَّهار. ثمَّ قالت عند ذلك أم سلمة: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفِّي أبو سلمة، وقد جعلتُ على [عيني] (٤) صَبِرًا، فقال ما هذا يا أم سلمة؟ فقلت: هو صَبِرٌ يا رسول الله ليس فيه طيبٌ. قال: «إنَّه يَشُبُّ الوجه (٥)،

فلا تجعليه إلا باللَّيل وتنزِعيه بالنَّهار، ولا تمتشطي (٦) بالطِّيب ولا بالحنَّاء، فإنَّه خضابٌ». قالت: قلت: بأيِّ شيءٍ أمتشط يا رسول اللَّه؟ قال: «بالسِّدر، تُغلِّفين به رأسَكِ».

وقد تضمَّنت هذه السنن أحكامًا عديدةً:

أحدها: أنَّه لا يجوز الإحداد على ميِّتٍ فوق ثلاثة أيَّامٍ كائنًا من كان إلا الزَّوج وحده. وتضمَّن الحديث الفرقَ بين الإحدادين من وجهين:

أحدهما: من جهة الوجوب والجواز، فإنَّ الإحداد على الزَّوج واجبٌ وعلى غيره جائزٌ.

الثَّاني: من مقدار مدَّة الإحداد، فالإحداد على الزَّوج عزيمةٌ وعلى غيره


(١) كذا في النسخ. وفي «السنن»: «عينيها».
(٢) هو الإثمد، وقيل غير ذلك. انظر: «النهاية» (١/ ٢٩٠).
(٣) في النسخ: «لا تكتحل». والتصويب من «السنن»، وهو الظاهر من السياق.
(٤) الزيادة من «السنن».
(٥) أي يُلوّنه ويُحسِّنه ..
(٦) ص، د، ز: «ولا تمتشطين».