للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إباحة هذه الأشياء ذريعةٌ إلى اقتناء الشُّحوم وبيعها.

ويرجِّحه أيضًا أنَّ في بعض ألفاظ الحديث، فقال: «لا، هي حرامٌ» (١)، وهذا الضَّمير إمَّا أن يرجع إلى الشُّحوم، وإمَّا إلى هذه الأفعال، وعلى التَّقديرين فهو حجَّةٌ على تحريم الأفعال الَّتي سألوا عنها.

ويرجِّحه أيضًا قولُه في حديث أبي هريرة في الفأرة الَّتي وقعت في السَّمْن: «إن كان جامدًا فأَلْقُوها وما حولَها وكُلُوه، وإن كان مائعًا فلا تَقْرَبوه» (٢). وفي الانتفاع به في الاستصباح وغيره قُربانٌ له.

ومن رجَّح الأوَّل يقول: ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «إنَّما حَرُمَ من الميتة أكلُها» (٣)، وهذا صريحٌ في أنَّه لا يحرم الانتفاع بها في غير الأكل، كالوَقِيْد وسَدِّ البُثُوق ونحوهما.

قالوا: والخبيث إنَّما يَحرُم ملابسته باطنًا وظاهرًا، كالأكل واللُّبس، وأمَّا الانتفاع به من غير ملابسةٍ فلأيِّ شيءٍ يحرم؟


(١) أخرجه أحمد (٦٩٩٧).
(٢) أخرجه أحمد (٧١٧٧) والترمذي (١٧٩٨) وأبو داود (٣٨٤٢) والنسائي (٤٢٦٠) من طريق معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة به، ووهَّمَ الحفاظ معمرًا في إسناده ومتنه، فالمحفوظ ما رواه مالك وغيره عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سئل عن فأرة سقطت في سمن، فقال: «ألقوها وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم» كما في «صحيح البخاري» (٢٣٥) و «الموطأ» (٢٧٨٥) و «مسند أحمد» (٢٦٧٩٦)، وزيادة «إن كان جامدًا ... » خطَّأَ الحفاظ كالبخاري وأبي حاتم والترمذي معمرًا فيها، قال الترمذي في «الجامع» (١٧٩٨): «هذا خطأ أخطأ فيه معمر».
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٢١) ومسلم (٣٦٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.