للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالطت دهنًا طاهرًا، فإنَّه في أكثر الرِّوايات عنه يُجوِّز الاستصباحَ بالزَّيت النَّجس، وطَلْيَ السُّفُن به، وهو اختيار طائفةٍ من أصحابه، منهم: الشَّيخ أبو محمد (١) وغيره، واحتجَّ بأنَّ ابن عمر أمر أن يستصبح به (٢).

وقال في رواية ابنَيه صالح وعبد الله (٣): ولا يُعجِبني بيعُ النَّجس، ويستصبح به إذا لم يَمَسُّوه، لأنَّه نجسٌ. وهذا يَعُمُّ النَّجسَ والمتنجِّسَ، ولو قُدِّر أنَّه إنَّما أراد به المتنجِّس فهو صريحٌ في القول بجواز الاستصباح بما خالطَتْه نجاسة ميتةٍ أو غيرها، وهذا مذهب الشَّافعيِّ. وأيُّ فرقٍ بين الاستصباح بشحم الميتة إذا كان مفردًا، وبين الاستصباح به إذا خالطَ دهنًا طاهرًا (٤) فنجَّسه؟

فإن قيل: إذا كان مفردًا فهو نجس العين، وإذا خالطَ غيرَه تنجَّس به، فأمكن تطهيرُه بالغسل، فصار كالثَّوب النَّجس، ولهذا يجوز بيع الدُّهن المتنجِّس على أحد القولين دون دهن الميتة.

قيل: لا ريبَ أنَّ هذا هو الفرق الذي عَوَّل عليه المفرِّقون بينهما، ولكنَّه ضعيفٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّه لا يُعرف عن الإمام أحمد ولا عن الشَّافعيِّ البتَّةَ غَسْلُ الدُّهن النَّجس، وليس عنهم في ذلك كلمةٌ واحدةٌ، وإنَّما ذلك من فتوى بعض


(١) في «المغني» (١٣/ ٣٤٨).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤٨٨٢) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (١٣/ ٣٩٩ - ٤٠٠).
(٣) «مسائله» (ص ٦). ولم أجده في المطبوع من «مسائل صالح».
(٤) في المطبوع: «خالطه دهن طاهر» خلاف النسخ.