للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عين (١) السِّرقين والماء النَّجس ثمرًا أو زرعًا، وهذا أمرٌ لا يُشَكُّ فيه، بل هو معلومٌ بالحسِّ والمشاهدة، حتَّى جوَّز بعض أصحاب مالك وأبي حنيفة بيعَه، فقال ابن الماجشون (٢): لا بأسَ ببيع العَذِرة؛ لأنَّ ذلك من منافع النَّاس. وقال ابن القاسم: لا بأسَ ببيع الزَّبل. قال اللخمي: وهذا يدلُّ من قوله على أنَّه يرى بيع العذرة. وقال أشهب في الزَّبل: المشتري أعذرُ فيه من البائع، يعني في اشترائه. وقال ابن عبد الحكم: لم يعذر الله واحدًا منهما، وهما سِيَّانِ في الإثم.

قلت: وهذا هو الصَّواب، وأنَّ بيع ذلك حرامٌ وإن جاز الانتفاع به. والمقصود أنَّه لا يلزم من تحريم بيع الميتة تحريمُ الانتفاع بها في غير ما حرَّمه الله ورسوله منها، كالوقيد وإطعام الصُّقور والبُزَاة. وقد نصَّ مالك (٣) على جواز الاستصباح بالزَّيت النَّجِس في غير المساجد، وعلى جواز عمل الصَّابون منه. وينبغي أن يُعلَم أنَّ باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كلُّ ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، بل لا تلازمَ بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع.

فصل

ويدخل في تحريم بيع الميتة بيع جميع أجزائها الَّتي تَحُلُّها الحياة وتُفارِقها بالموت، كاللَّحم والشَّحم والعَصْب، وأمَّا الشَّعر والوَبَر والصُّوف فلا يدخل في ذلك؛ لأنَّه ليس بميتة، ولا تَحُلُّه الحياة. وكذلك قال جمهور


(١) في النسخ: «غير»، تصحيف.
(٢) انظر: «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٣٣٣، ٣٣٤).
(٣) انظر المصدر السابق (٢/ ٣٣٤).