للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن فرَّق في ذوات المحارم بين من تحرم ابنتها ومن لا تحرم، فكأنَّه رأى أنَّ من لا تحرم ابنتها تحريمها (١) أخفُّ من تحريم الأخرى، فأشبَه العارضَ.

فإن قيل: فما حكم المُكْرَهة على الوطء في دُبرها، أو الأمة المطاوعة على ذلك؟

قيل: هو أولى بعدم الوجوب، فهذا كاللِّواط لا يجب به (٢) المهر اتِّفاقًا.

وقد اختلف في هذه المسألة الشَّيخان: أبو البركات ابن تيميَّة، وأبو محمد ابن قدامة:

فقال أبو البركات في «محرَّره» (٣): ويجب مهر المثل للموطوءة بشبهةٍ، والمكرهة على الزِّنا في قُبُلٍ أو دُبُرٍ.

وقال أبو محمد في «المغني» (٤): ولا يجب المهر بالوطء في الدُّبر ولا اللِّواط؛ لأنَّ الشَّرع لم يَرِد ببدله، ولا هو إتلافٌ لشيءٍ، فأشبهَ القبلةَ والوطء دون الفرج.

وهذا القول هو الصَّواب قطعًا، فإنَّ هذا الفعل لم يجعل له الشَّارع قيمةً أصلًا، ولا قدَّر له مهرًا بوجهٍ من الوجوه، وقياسه على وطء الفرج من أفسد القياس، ولازم من قاله إيجاب المهر لمن فعلت به اللُّوطيَّة من الذُّكور،


(١) ص، د، ز: «تحريمًا»، خطأ.
(٢) في المطبوع: «فيه» خلاف النسخ.
(٣) (٢/ ٣٩).
(٤) (١٠/ ١٨٧).