للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا تقويمُ مالٍ هَدَرَه (١) الله ورسوله، وإثباتُ عوضٍ حكَمَ الشَّارع بخبثه، وجعله بمنزلة ثمنِ الكلب وأجرِ الكاهن، وإذا كان عوضًا خبيثًا شرعًا لم يجز أن يُقضَى به.

ولا يقال: فأجر الحجَّام خبيثٌ، ويُقضى له به؛ لأنَّ منفعة الحجامة منفعةٌ مباحةٌ وتجوز، بل يجب على مستأجره أن يُوفِّيه أجرَه، فأين هذا من المنفعة الخبيثة المحرَّمة الَّتي عِوضُها من جنسها، وحكمُه حكمها، وإيجابُ عوضٍ في مقابلة هذه القصة (٢) كإيجاب عوضٍ في مقابلة اللِّواط، إذ الشَّارع لم يجعل في مقابلة هذا الفعل عوضًا.

فإن قيل: فقد جعل في مقابلة الوطء في الفرج عوضًا، وهو المهر من حيث الجملة، بخلاف اللِّواط.

قلنا: إنَّما جعل في مقابلته عوضًا إذا استُوفي بعقدٍ أو بشبهة عقدٍ، ولم يجعل له عوضًا إذا استُوفي بزنًا محضٍ لا شبهةَ فيه، وباللَّه التَّوفيق.

ولم يُعرَف في الإسلام قطُّ أنَّ زانيًا قُضِي عليه بالمهر للمَزْنيِّ بها، ولا ريبَ أنَّ المسلمين يرون هذا قبيحًا، فهو عند الله عزَّ وجلَّ قبيحٌ.

فصل

فإن قيل: فما تقولون في كسب الزَّانية إذا قبضَتْه ثمَّ تابت، هل يجب عليها ردُّ ما قبضتْه إلى أربابه، أم يطيب لها، أم تَصَّدَّقُ به؟


(١) في المطبوع: «أهدره» خلاف النسخ. وهَدَرَ فعل لازم ومتعدٍّ، يقال: هَدَرَ الشيءَ: أبطَلَه.
(٢) كذا في النسخ، ولعل الصواب: «القضية». وفي المطبوع: «المعصية».