للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ أورد على نفسه سؤالًا، فقال (١): فيقال على هذا: فينبغي أن تَقضُوا بها إذا طالب بقبضها.

وأجاب عنه بأن قال: قيل: نحن لا نأمر بدفعها ولا رَدِّها، كعقود الكفَّار المحرَّمة، فإنَّهم إذا أسلموا قبل القبض لم يُحكَم بالقبض، ولو أسلموا بعد القبض لم يُحكم بالرَّدِّ، ولكنَّ المسلم تَحرُم عليه هذه الأجرة؛ لأنَّه كان معتقدًا لتحريمها، بخلاف الكافر. وذلك لأنَّه إذا طلب الأجرة قلنا له: أنت فرَّطتَ حيث صرفتَ قوَّتك في عملٍ يحرم، فلا يُقضى لك بأجرة. فإذا قبضَها وقال الدَّافع: هذا المال اقْضُوا لي بردِّه، فإنَّه (٢) أقبضتُه إيَّاه عوضًا عن منفعةٍ محرَّمةٍ= قلنا له: دفعتَه معاوضةً رضيتَ بها، فإذا طلبتَ استرجاعَ ما أُخِذ، فاردُدْ إليه ما أخذتَ إذا كان له في بقائه معه منفعةٌ، فهذا محتملٌ.

قال (٣): وإن كان ظاهر القياس ردّها، لأنَّها مقبوضةٌ بعقدٍ فاسدٍ. انتهى.

وقد نصَّ أحمد ــ في رواية أبي النضر (٤) ــ فيمن حمل خمرًا أو خنزيرًا أو ميتةً لنصرانيٍّ (٥): أكره أكْلَ كرائِه، ولكن يُقضى للحمَّال بالكراء. وإذا كان لمسلمٍ فهو أشدُّ كراهةً. فاختلف أصحابه في هذا النَّصِّ على ثلاث طرقٍ (٦):


(١) المصدر السابق. والكلام متصل بما قبله.
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «فإني». وفي «الاقتضاء»: «فإنما».
(٣) المصدر نفسه (٢/ ٤٧) قبل هذا النصّ المقتبس.
(٤) كما في المصدر السابق (٢/ ٢٦، ٤٢).
(٥) «لنصراني» ليست في ص، د.
(٦) اعتمد المؤلف في بيانها على «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ٤٢ وما بعدها). وكذا ذكر ذلك في «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٧٨ - ٢٨٤).