للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزالت شوكة اليهود (١)، وجرت عليهم أحكام الشَّريعة، وسياق قصَّة هذه البئر ظاهرٌ في أنَّها كانت حين مَقدَمِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ في أوَّل الأمر.

فصل

فأما المياه الجارية، فما كان نابعًا من غير مِلْكٍ ــ كالأنهار الكبار وغير ذلك ــ لم يُمْلَك بحالٍ، ولو دخل إلى أرض رجلٍ لم يملكه بذلك، وهو كالطَّير يدخل إلى أرضه، فلا يُمْلك بذلك، ولكلِّ واحدٍ (٢) أخْذُه وصَيدُه. فإن جعل له في أرضه مصنعًا أو بِرْكةً يجتمع فيها ثمَّ يخرج منها، فهو كنقع البئر سواءٌ، وفيه من النِّزاع ما فيه، وإن كان لا يخرج منها فهو أحقُّ به للشُّرب والسَّقي، وما فضَلَ عنه فحكمه حكم ما تقدَّم.

وقال الشَّيخ في «المغني» (٣): وإن كان ما يَستقِرُّ (٤) في البِركة لا يخرج منها، فالأولى أنَّه يَمْلِكه بذلك على ما سنذكره في مياه الأمطار.

ثمَّ قال: فأمَّا المصانع المتَّخَذة لمياه الأمطار تجتمع فيها ونحوها من البِرَكِ وغيرها، فالأولى أن يُمْلك ماؤها، ويصحُّ بيعه إذا كان معلومًا؛ لأنَّه مباحٌ حصَّله في شيءٍ مُعَدٍّ له، فلا يجوز أخذ شيءٍ منه إلا بإذن مالكه.

وفي هذا نظرٌ مذهبًا ودليلًا:

أمَّا المذهب فإنَّ أحمد قال: إنَّما نُهي عن بيع فضل ماء البئر والعيون في


(١) بعدها في المطبوع: «لعنهم الله». وليست في النسخ.
(٢) م، ز: «أحد».
(٣) (٦/ ١٤٨).
(٤) في المطبوع: «ماء يسير». وفي النسخ: «ما يستر». والمثبت من «المغني».