للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمضامين. والغرر: هو المبيع نفسه، وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ، أي مغرور به، كالقَبَض والسَّلَب بمعنى (١) المقبوض والمسلوب، وهذا كبيع العبد الآبق الذي لا يقدر على تسليمه، والفرس الشَّارد، والطَّير في الهواء، وكبيع ضربة الغائص (٢)، وما تحمل شجرته أو ناقته، وما يرضى له به زيدٌ أو يَهَبُه له أو يُورِثه إيَّاه، ونحو ذلك ممَّا لا يُعلَم حصوله أو لا يُقدَر على تسليمه، أو لا يُعرَف حقيقته ومقداره.

ومنه بيع حبل الحبلة، كما ثبت في «الصَّحيحين» (٣) أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، وهو نِتاج النِّتاج في أحد الأقوال، والثَّاني: أنَّه أجلٌ، فكانوا يتبايعون إليه، هكذا رواه مسلم (٤)، وكلاهما غررٌ، والثَّالث: أنَّه بيع حَمْل الكَرْم قبل أن يبلغ، قاله المبرِّد (٥)، قال: والحَبْلَة: الكرم بسكون الباء وفتحها. وأمَّا ابن عمر ففسَّره بأنَّه أجلٌ كانوا يتبايعون إليه، وإليه ذهب مالك والشَّافعيُّ، وأمَّا أبو عبيدة ففسَّره ببيع نتاج النِّتاج (٦)، وإليه ذهب أحمد.


(١) د، ص، ح، ز: «يعني».
(٢) في بعض النسخ: «القابض»، تحريف. وضربة الغائص: أن يقول الغائص في البحر للتاجر: أغوص غوصةً، فما أخرجتُه فهو لك بكذا.
(٣) البخاري (٢١٤٣) ومسلم (١٥١٤) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(٤) برقم (١٥١٤/ ٥).
(٥) كما في «إكمال المعلم» (٥/ ١٣٣) و «المفهم» للقرطبي (٤/ ٣٦٣). ونُقِل أيضًا عن أبي الحسن ابن كيسان. وردّ عليه السهيلي في «الروض الأنف» (٤/ ٤٧) وقال: هو قول غريب لم يذهب إليه أحد في تأويل الحديث.
(٦) انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (١/ ٢٠٨) و «تهذيب الأسماء واللغات» (٣/ ٦٢).