للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وضع الشَّارع الجائحةَ قبل قبض الثمرة (١).

فإن قيل: فالمنافع لا توضع فيها الجائحة باتِّفاق العلماء.

قيل: ليس هذا من باب وضع الجوائح في المنافع، ومن ظنَّ ذلك فقد وهم. قال شيخنا (٢): وليس هذا من باب وضع الجائحة في المبيع كما في الثَّمر المشترى، بل هو من باب تلفِ المنفعة المقصودة بالعقد أو فواتها.

وقد اتَّفق العلماء على أنَّ المنفعة في الإجارة إذا تلِفتْ قبل التَّمكُّن من استيفائها فإنَّه لا تجب الأجرة، مثل أن يستأجر حيوانًا فيموت قبل التَّمكُّن من قبضه، وهو بمنزلة أن يشتري قفيزًا من صُبرةٍ فتتلف الصُّبرة قبل القبض والتَّمييز، فإنَّه من ضمان البائع بلا نزاعٍ؛ ولهذا لو لم يتمكَّن المستأجر من ازدراع الأرض لآفةٍ حصلت لم يكن عليه الأجرة. وإن نبت الزَّرع ثمَّ حصلت آفةٌ سماويَّةٌ أتلفتْه قبل التَّمكُّن من حصاده ففيه نزاعٌ، فطائفةٌ ألحقتْه بالثَّمرة والمنفعة، وطائفةٌ فرَّقتْ. والَّذين فرَّقوا بينه وبين الثَّمرة والمنفعة قالوا: الثَّمرة هي المعقود عليها وكذلك المنفعة، وهنا الزَّرع ليس معقودًا عليه، بل المعقود عليه هو المنفعة وقد استوفاها. والذين سوَّوا بينهما قالوا: المقصود بالإجارة هو الزَّرع، فإذا حالت الآفة السَّماويَّة بينه وبين المقصود بالإجارة، كان قد تَلِفَ المقصودُ بالعقد قبل التَّمكُّن من قبضه، وإن لم يعاوض على زرعٍ، فقد عاوض على المنفعة الَّتي يتمكَّن بها المستأجر من حصول الزَّرع، فإذا حصلت الآفة السَّماويَّة المُفسِدة للزَّرع قبل التَّمكُّن من


(١) في المطبوع: «الثمن». والمثبت من النسخ.
(٢) في «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ٢٣٦).