للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «سمع الله لمن حمده» قام حتى نقول (١): قد أوهَمَ. ثم يسجد، ويقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهَمَ.

وصح عنه أيضًا في صلاة الكسوف أنه أطال هذا الركن بعد الركوع حتى كان قريبًا من ركوعه، وكان ركوعه قريبًا من قيامه (٢).

فهذا هديه المعلوم الذي لا معارض له بوجه.

وأما حديث البراء بن عازب: «كان ركوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبًا من السواء»، رواه البخاري (٣)؛ فقد تشبَّث به من ظنَّ تقصير هذين الركنين، ولا متعلَّق له به، فإنَّ الحديث مصرَّح فيه بالتسوية بين هذين الركنين وبين سائر الأركان. فلو كان القيام والقعود المستثنى هو القيام بعد الركوع والقعود بين السجدتين لناقض الحديثُ الواحدُ بعضُه بعضًا، فيتعيَّن قطعًا أن يكون المراد بالقيام والقعود قيام القراءة وقعود التشهد. وهذا كان هديه فيهما - صلى الله عليه وسلم -: إطالتهما على سائر الأركان، كما تقدَّم بيانه. وهذا بحمد الله واضح، وهو مما خفي من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاته على من شاء الله أن يخفى عليه (٤).


(١) في ك: «حتى يقول القائل» هنا وفيما يأتي.
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤٤) ومسلم (٩٠١) من حديث عائشة، وعندهما ذكر تطويل هذا الركن جدًّا فقط، وجاء مصرَّحًا عند النسائي في «المجتبى» (١٤٩٧) و «الكبرى» (١٨٩٧): «فركع ركوعًا طويلًا مثل قيامه أو أطول».
(٣) برقم (٧٩٢)، وكذلك مسلم (٤٧١)، وقد تقدم.
(٤) وانظر: «كتاب الصلاة» (ص ٢٩٥ - ٢٩٦).