للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك عنه من وجه صحيح. وأجود ما فيه حديث عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلِّم تسليمةً واحدةً: «السلام عليكم» يرفع بها صوته حتى يوقظنا. وهو حديثٌ معلولٌ (١)، وهو في «السنن» (٢) لكنه كان في قيام الليل. والذين رووا عنه التسليمتين رووا ما شاهدوه في الفرض والنفل؛ على أن حديث عائشة ليس صريحًا في الاقتصار على التسليمة الواحدة، بل أخبرت أنه كان يسلِّم تسليمةً (٣) يوقظهم بها، ولم تَنْفِ الأخرى، بل سكتت عنها. وليس سكوتها عنها مقدَّمًا على رواية من حفظها وضبطها. وهم أكثر عددًا، وأحاديثهم أصحُّ، وكثيرٌ من أحاديثهم صحيحة، والباقي حسانٌ.

قال أبو عمر بن عبد البرِّ (٤): روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسلِّم تسليمةً واحدةً من حديث سعد بن أبي وقَّاص، ومن حديث عائشة، ومن حديث أنس؛ إلا أنها معلولةٌ لا يصحِّحها (٥) أهل العلم بالحديث. ثم ذكر علَّة حديث سعد أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يسلِّم في الصلاة تسليمةً واحدةً (٦)، وقال: هذا


(١) ولعل العلة المرادة هي أنه من رواية زرارة بن أوفى عن عائشة كما عند أحمد (٢٥٩٨٧) وأبي داود (١٣٤٦ - ١٣٤٨)، وزرارة لم يسمع هذا الحديث منها. وقد جاء في رواية أخرى عند أحمد (٢٥٩٨٨) وأبي داود (١٣٤٩) وأبي عوانة (٢٠٦٠) أن بينهما سعد بن هشام، وليس فيها أن التسليمة كانت واحدة.
(٢) أبو داود (١٣٤٦ - ١٣٤٩)، وانظر التعليق السابق.
(٣) بعده في هامش ن: «واحدة».
(٤) في «الاستذكار» (٤/ ٢٩١ - ٢٩٦).
(٥) ق، ن: «ولا يصححها». وفي «الاستذكار» كما أثبت من النسخ الأخرى.
(٦) أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/ ٢٦٦) وأعله بتفرد عبد العزيز الدراوردي به من بين أصحاب مصعب بن ثابت، وكذلك قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٤/ ٢٩٢) بعد أن ساق الحديث من طرق عن مصعب بن ثابت وغيره.