للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثير الخطأ لا يُحتجُّ به. وذُكِر ليحيى بن معين هذا الحديث فقال: عمرو بن أبي سلمة وزهير ضعيفان لا حجة فيهما.

قال: وأما حديث أنس (١)، فلم يأت إلا من طريق أيوب السَّختياني عن أنس، ولم يسمع أيوب من أنس عندهم شيئًا (٢).

قال: وقد روي [من] (٣) مرسل الحسن (٤) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يسلِّمون تسليمةً واحدةً.

وليس مع القائلين بالتسليمة غير عمل أهل المدينة. قالوا (٥): وهو عملٌ قد توارثوه كابرًا عن كابر، ومثله يصحُّ الاحتجاج به، لأنه لا يخفى لوقوعه في كلِّ يوم مرارًا.

وهذه طريقةٌ قد خالفهم فيها سائر الفقهاء، والصواب معهم. والسنن الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تُدفَع ولا تُرَدُّ لعمل أحد (٦) كائنًا من كان. وقد


(١) أخرجه البزار (١٣/ ١٤١) من طريق جرير عن أيوب عن أنس، ونقل ابن رجب في «فتح الباري» (٥/ ١٦٤) عن الأثرم أنه قال: «هذا حديث مرسل، وهو منكر، وسمعت أبا عبد الله يقول: جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب».
(٢) قال ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص ٣٩): «سمعت أبي يقول: أيوب بن أبي تميمة السختياني رأى أنس بن مالك ولم يسمع منه، وهو مثل الأعمش».
(٣) ما بين الحاصرتين من «الاستذكار». وقد زاد بعضهم بعد «مرسل» في ع فوق السطر: «عن»، ومثله في ن.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٠٨١)، وفي إسناده لين.
(٥) وهو قول ابن عبد البر في «الاستذكار»، وهنا انتهى النقل منه.
(٦) في النسخ المطبوعة: «بعمل أهل بلد»، ولعله تصرُّف من بعض النسَّاخ.