للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا. وزاد فيه البيهقي بعد «ولا يذِلُّ من واليت»: «ولا يعِزُّ من عاديتَ».

ومما يدل على أن مراد أنس بالقنوت بعد الركوع هو القيام للدعاء والثناء: ما رواه سليمان بن حرب: حدثنا أبو هلال، حدثنا حنظلة إمام مسجد قتادة ــ قلت: هو السَّدوسي ــ قال: اختلفت أنا وقتادة في القنوت في صلاة الصبح، فقال قتادة: قبل الركوع، وقلت أنا: بعد الركوع. فأتينا أنس بن مالك، فذكرنا له ذلك، فقال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر، فكبَّر وركع، ورفع رأسه، ثم سجد. ثم قام في الثانية، فكبَّر وركع، ثم رفع رأسه، فقام ساعةً ثم وقع ساجدًا» (١).

وهذا مثل حديث ثابت عنه سواءً، وهو يبيِّن مراد أنس بالقنوت، فإنه ذكره دليلًا لمن قال: إنه قنَت بعد الركوع. فهذا القيام والتطويل هو كان مراد أنس، واتفقت أحاديثه كلُّها. وبالله التوفيق.

وأما المروي عن الصحابة فنوعان:

أحدهما: قنوتٌ عند النوازل، كقنوت الصدِّيق في محاربة الصَّحابة لمُسَيلمة (٢) وعند محاربة أهل الكتاب (٣)، وكذلك قنوت عمر (٤)، وقنوتُ


(١) لعل المؤلف نقله من كتاب «القنوت» للحاكم. وفي إسناده أبو هلال ــ وهو محمد بن سليم البصري الراسبي ــ وحنظلة السدوسي، كلاهما ضعيف، وحنظلة يروي عن أنس مناكير وكان إمام مسجد قتادة، كما قال أحمد في رواية الفضل بن زياد، نقله ابن عدي في «الكامل» في ترجمة حنظلة هذا (٤/ ١٥٠).
(٢) لم أجده مسندًا إليه، وقد ذكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (ص ٩٩) أن أبا بكر قنت على أهل الردَّة.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٤٩٦٩) وابن أبي شيبة (٧١٠٤) من طريق عبيد بن عمير عنه، وإسناده صحيح، وعبيد سمع من عمر، انظر: «سير أعلام النبلاء» (٤/ ١٥٦ وما بعدها).