للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك النظر والالتفات منه كان للحاجة، لاهتمامه بأمور الجيش.

وقد يدل على ذلك مدُّ يدِه في صلاة الكسوف ليتناول العنقود لما رأى الجنة، وكذلك رؤيةُ (١) النارِ وصاحبةِ الهرَّة فيها وصاحبِ المحجن. وكذلك حديث مدافعته للبهيمة التي أرادت أن تمُرَّ بين يديه، وردُّه الغلام والجارية، وحجزُه بين الجاريتين. وكذلك أحاديث ردِّه السلامَ بالإشارة على من سلَّم عليه وهو في الصلاة، فإنه إنما كان يشير إلى من يراه. وكذلك حديث تعرُّض الشيطان له في صلاته (٢)، فأخذه، فخنقه، وكان ذلك رؤية عين (٣). فهذه الأحاديث وغيرها يستفاد من مجموعها العلمُ بأنه لم يكن يغمِّض عينيه في الصلاة.

وقد اختلف الفقهاء في كراهته. فكرهه الإمام أحمد وغيره، وقالوا: هو من فعل اليهود. وأباحه جماعةٌ، ولم يكرهوه، وقالوا: قد يكون أقرب إلى تحصيل الخشوع الذي هو روح الصلاة وسرُّها ومقصودها (٤).

والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يُخِلُّ بالخشوع فهو أفضل. وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزَّخرفة (٥) والتزويق أو غيره مما يشوِّش عليه قلبه، فهنا لا يُكرَه التغميض قطعًا، والقولُ باستحبابه في


(١) ق، مب، ن: «رؤيته».
(٢) «في صلاته» ساقط من ن.
(٣) تقدم تخريج هذه الأحاديث.
(٤) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٣/ ٢٧٣) و «المغني» (٢/ ٣٩٦) و «المجموع شرح المهذب» (٣/ ٣١٤).
(٥) ص، ج: «الزخرف».