للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركعتين، وهذا أظهر. وإما أن يقال: كان يفعل هذا وهذا، فحكى كلٌّ من عائشة وابن عمر ما شاهده، والحديثان صحيحان لا مطعن في واحد منهما.

وقد يقال: إنَّ هذه الأربع لم تكن سنَّة الظهر، بل هي صلاةٌ مستقلَّةٌ كان يصلِّيها بعد الزوال، كما ذكره الإمام أحمد (١) عن عبد الله بن السائب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي أربعًا بعد أن تزول الشمس، وقال: «إنَّها ساعةٌ تُفْتَح فيها أبوابُ السماء، وأُحِبُّ أن يصعَد لي فيها عملٌ صالحٌ».

وفي «السنن» (٢) أيضًا عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصلِّ أربعًا قبل الظهر صلَّاهن بعدها. وقال ابن ماجه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلَّاها بعد الركعتين بعد العصر (٣).


(١) برقم (١٥٣٩٦)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٨٧٨) والترمذي (٤٧٨) ــ واللفظ له ــ والنسائي في «الكبرى» (٣٢٩)، قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الألباني في «الأجوبة النافعة» (ص ٥٣).
(٢) الترمذي (٤٢٦) عن عبد الوارث العتكي عن ابن المبارك عن خالد الحذّاء عن عبد الله بن شقيق عن عائشة. قال الترمذي: «حسن غريب». ووجه غرابته ما ذكره الإمام أحمد في «مسائله» رواية أبي داود (١٨٧٦) أن الحديث يرويه غير واحد عن خالد به فلا يذكرون فيه هذا، وإنما يذكرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حافظ على أربعٍ قبل الظهر وركعتين بعدها. وقال الترمذي أيضًا: «ورواه قيس بن الربيع عن شعبة عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحدًا رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع. وقد روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا». قلت: قيس ضعيف، وحديثه عند ابن ماجه (١١٥٨)، وأما مرسل ابن أبي ليلى فأخرجه ابن أبي شيبة (٦٠٢٦).
(٣) كذا في جميع النسخ الخطية، ولعله سبق قلم وقع في أصل المصنف. والصواب: «بعد الظهر». كما في طبعة الرسالة التي صححت الخطأ.