للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختلف قوله، فروى عنه ابنه عبد الله (١) أنه قال: بلغني عن رجل سمَّاه أنه قال: لو أنَّ رجلًا صلَّى الركعتين بعد المغرب في المسجد ما أجزأه. فقال: ما أحسن ما قال هذا الرجل، وما أجود ما انتزع! قال أبو حفص: ووجُهه أمرُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. يعني: بهذه الصلاة في البيوت.

وقال له المرُّوذي (٢): من صلَّى ركعتين بعد المغرب في المسجد يكون عاصيًا؟ قال: ما أعرف هذا. قلتُ له: يُحكى عن أبي ثور أنه قال: هو عاصٍ. قال: لعله ذهب إلى قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوها في بيوتكم» (٣).

قال أبو حفص: ووجهُه أنه لو صلَّى الفرض في البيت وترك المسجد أجزأه، فكذلك السنَّة. انتهى كلامه. وليس هذا وجهه عند أحمد، وإنما وجهُه أنَّ السنن لا يشترط لها مكانٌ معيَّن ولا جماعة، فيجوز فعلها في البيت والمسجد. والله أعلم.

وفي سنَّة المغرب سنَّتان، إحداهما: أن لا يُفصَل بينها وبين المغرب بكلام. قال أحمد في رواية الميموني والمرُّوذي: يُستحبُّ أن لا يكون قبل الركعتين بعد المغرب إلى أن يصلِّيهما كلام. وقال الحسن بن محمد: رأيت أحمد إذا سلَّم من صلاة المغرب قام ولم يتكلَّم، ولم يركع في المسجد قبل أن يدخل الدار. قال أبو حفص: ووجهُه قول مكحول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) في «مسائله» (ص ٩٧)، وبنحوه في «المسند» عقب (٢٣٦٢٨). وقد نقل المصنف رواية عبد الله بهذا اللفظ مع توجيه أبي حفص العكبري ــ دون تسميته ــ في «بدائع الفوائد» (٤/ ١٥٠٩).
(٢) انظر روايته مع توجيه أبي حفص في «البدائع» (٤/ ١٥١٠) أيضًا.
(٣) سيأتي تخريجه.