للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضَّرب ما يعلم أنه حفِظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلِط فيه. فيغلط في هذا المقام من استدرك عليه (١) إخراجَ جميع حديث ذلك الثقة (٢)، ومن ضعَّف جميع حديث ذلك السيئ الحفظ (٣). فالأُولى: طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية: طريقة ابن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة (٤) هذا الشأن. والله المستعان.

وقد صحَّ عن أبي هريرة (٥) أنه سجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في (اقرأ باسم ربك) وفي (إذا السماء انشقت)، وهو إنما أسلم بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ بستِّ سنين أو سبع. فلو تعارض الحديثان من كلِّ وجه وتقاوما في الصحة لتعيَّن تقديمُ حديث أبي هريرة، لأنه مُثبِت، معه زيادةُ علم خفيت على ابن عباس؛ فكيف وحديث أبي هريرة في غاية الصحة متفق على صحته، وحديث ابن عباس فيه من الضعف ما فيه؟ والله الموفِّق (٦).


(١) «عليه» ساقط من ك، ع.
(٢) «جميع» ساقط من ك، ع. والعبارة من «ما يعلم أنه ... الثقة» ساقطة من ص لانتقال النظر.
(٣) مب: «حديث سيئ الحفظ».
(٤) في ص بعده زيادة «أهل».
(٥) أخرجه مسلم (٥٧٨)، وقد تقدم قبل قليل.
(٦) ك، ع: «أعلم».