للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان مرادهم جواز السفر مطلقًا فهي مسألة نزاع، والدليل هو الفاصل؛ على أن عبد الرزاق قد روى في «مصنفه» (١) عن مَعْمر، عن خالد الحذَّاء، عن ابن سيرين أو غيره أنَّ عمر بن الخطاب رأى رجلًا عليه ثياب سفر بعد ما قضى الجمعة، فقال: ما شأنك؟ فقال (٢): أردت سفرًا، فكرهت أن أخرج حتى أصلِّي. فقال له عمر: «إن الجمعة لا تمنعك السفر ما لم يحضر وقتها». فهذا هو قول من يمنع السفر بعد الزوال، ولا يمنع منه قبله.

وذكر عبد الرزاق (٣) أيضًا عن الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبيه قال: أبصر عمر بن الخطاب رجلًا عليه هيئة السفر، فقال الرجل: إنَّ اليوم يوم الجمعة، ولولا ذلك لخرجتُ. فقال عمر: إنَّ الجمعة لا تحبِس مسافرًا، فاخرُجْ ما لم يحِن الرَّواح.

وذكر (٤) أيضًا عن الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن صالح بن دينار (٥)، عن


(١) برقم (٥٥٣٦).
(٢) ق، م، مب، ن: «قال».
(٣) برقم (٥٥٣٧)، ومن طريقه ابن المنذر في «الأوسط» (٤/ ٥٨). وأخرجه ابن أبي شيبة (٥١٤٧) والبيهقي (٣/ ١٨٧) من طرق عن الأسود بن قيس به.
(٤) في «المصنف» (٥٥٤٠)، وأخرجه أبو داود في «المراسيل» (ص ٢٣٧) والبيهقي (٣/ ١٨٧). فيه صالح بن كثير لا يعرف إلا بهذه الرواية، وقد وصفه أبو داود بأنه كان صاحبًا للزهري. ويشهد له ما أخرجه ابن أبي شيبة (٥١٥٤) عن الفضل بن دُكَين عن ابن أبي ذئب قال: «رأيتُ ابنَ شهاب يريد أن يسافر يوم الجمعة ضحوةً، فقلت له: تُسافِر يوم الجمعة؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سافر يوم الجمعة».
(٥) كذا في جميع النسخ الخطية والطبعات القديمة، والصواب: «صالح بن كثير» كما في «المصنَّف»، وقد صحِّح في طبعة الرسالة دون تنبيه.