للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: أتينا أهلَنا مُهْجِرين، أي في وقت الهاجرة. والتهجير والتهجُّر (١): السَّير في الهاجرة.

فهذا ما يقرَّر به قولُ أهل المدينة.

قال الآخرون: الكلام في لفظ التهجير كالكلام في لفظ الرَّواح، فإنه يطلق ويراد به التبكير. قال الأزهري في «التهذيب» (٢): روى مالك (٣) عن سُمَيٍّ عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم الناسُ ما في التهجير لَاسْتَبقُوا إليه». وفي حديث آخر مرفوع: «المهجِّر إلى الجمعة كالمُهْدي بدَنةً». قال: يذهب كثير من الناس إلى أنَّ التهجير في هذه الأحاديث من الهاجرة وقتَ الزَّوال، وهو غلط. والصواب فيه ما روى أبو داود المصاحفي عن النَّضْر بن شُمَيل أنه قال: التهجير (٤) إلى الجمعة وغيرها: التبكير. قال: وسمعت الخليل يقول ذلك، قاله في تفسير هذا الحديث. قال الأزهري: وهذا صحيح. وهي لغة أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس. قال لبيد:

راحَ القَطينُ بهَجْرٍ بعد ما ابتكروا (٥)


(١) ق، م: «الهجير»، وفي ك: «التهجير» مكررًا. وهو ساقط من ع، فكتب بعضهم في هامشها: «والهجر هو».
(٢) (٦/ ٤٣ - ٤٥). والنص المنقول هنا موافق لما نقله صاحب «اللسان» من «التهذيب».
(٣) في «الموطأ» (١٧٤)، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦١٥) ومسلم (٤٣٧).
(٤) ق، م: «التهجُّر». وفي «التهذيب» كما أثبت من غيرهما.
(٥) عجز البيت: فما تُواصِلُه سلمى وما تذرُ.
وهو مطلع قصيدة في «شرح ديوان لبيد» (ص ٥٨). وقد زادوا الشطر الثاني في طبعة الرسالة دون مسوِّغ، ودون تنبيه كعادتهم. ثم فاتهم أن الأزهري لم ينشد في «التهذيب» إلا صدر البيت!