للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصحَبي أَيانِقًا في سَفْر ... يهجِّرون بهَجِير الفجر (١)

ثُمَّتَ تَسْري (٢) ليلهم فتَسْري ... يطوُون أعراضَ الفِجَاج الغُبْر

طيَّ أخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ (٣)

قال الأزهري: «يهجِّرون بهجير الفجر» أي يبكِّرون بوقت الفجر.

وأما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أولَ النهار، فهذا غايته أنه عملهم في زمان مالك - رحمه الله -، وهذا ليس بحجة ولا عند من يقول: إجماع أهل المدينة حجة، فإنَّ هذا ليس فيه إلا تركُ الرَّواح إلى الجمعة من أول النهار، وهذا جائز بالضرورة. وقد يكون اشتغالُ الرجل بمصالحه (٤) ومصالح أهله ومعايشه (٥) وغير ذلك من أمور دينه ودنياه أفضلَ من رواحه إلى الجمعة من أول النهار.

ولا ريب أنَّ انتظارَ الصلاة بعد الصلاة وجلوسَ الرجل في مصلَّاه حتى يصلِّي الصلاة الأخرى أفضل من ذهابه ورجوعه في وقت الثانية، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي ينتظر الصلاة حتى يصلِّيها مع الإمام أفضل من الذي يصلِّي ثم يرجع إلى أهله» (٦). وأخبر أنَّ الملائكة لم تزل تصلِّي عليه ما دام


(١) الأيانق: النوق. والسَّفْر: المسافرون.
(٢) كذا في النسخ والطبعات القديمة. وفي «اللسان»: «تمشي» ومنه أثبته الفقي في نشرته مكان «تسري».
(٣) التَّجْر: التجار.
(٤) م، ن: «لمصالحه»، تصحيف. وهو ساقط من مب
(٥) ق، م، مب، ن: «معاشه».
(٦) أخرج البخاري (٦٥١) ومسلم (٦٦٢) وغيرهما من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « ... والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصلي ثم ينام»، قال مسلم: وفي رواية أبي كريب: «حتى يصليها مع الإمام في جماعة».