للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (هل أتى على الإنسان) (١)، لما اشتملت عليه هاتان السورتان مما كان ويكون يوم الجمعة من المبدأ والمعاد وحشر الخلائق وبعثهم من القبور إلى الجنة والنار، لا لأجل السجدة كما يظنُّه مَن نقَص علمه ومعرفته، فيأتي بسجدة من سورة أخرى، ويعتقد أنَّ فجر الجمعة فُضِّل بسجدة، وينكر على من لم يفعلها.

وهكذا كانت قراءته - صلى الله عليه وسلم - في المجامع الكبار كالأعياد ونحوها بالسُّوَر المشتملة على التوحيد، والمبدأ والمعاد، وقصص الأنبياء مع أممهم وما عامل (٢) به من كذَّبهم وكفَر بهم من الهلاك والشقاء، ومن آمن بهم وصدَّقهم من النجاة والعافية. كما كان يقرأ في العيدين بسورتي (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة وانشق القمر)، وتارةً: بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية).

وتارةً يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة لما تضمَّنته من الأمر بهذه الصلاة وإيجاب السعي إليها، وترك العمل العائق عنها، والأمر بإكثار ذكره (٣) ليحصل لهم الفلاح في الدارين، فإنَّ في نسيان ذكره العطبَ والهلاكَ في الدارين. ويقرأ في الثانية بسورة (إذا جاءك المنافقون) تحذيرًا للأمة من النفاق المُرْدي، وتحذيرًا لهم (٤) أن يشغلهم (٥) أموالهم وأولادهم عن صلاة الجمعة وعن ذكره (٦)، وأنهم إن فعلوا ذلك خسروا ولا بدَّ، وحضًّا لهم على


(١) قد تقدم.
(٢) يعني: الله عز وجل. وقد زاد الفقي لفظ الجلالة في نشرته.
(٣) يعني: ذكر الله، كما أثبت الشيخ الفقي خلافًا للنسخ والطبعات السابقة.
(٤) «لهم» من ق، م، مب، ن.
(٥) ج، ك، ن: «تشغلهم».
(٦) هنا أيضًا أثبت الفقي: «ذكر الله». وكذا في طبعة الرسالة.