للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فركعوا ركعتين، فهو من (١) أجهل الناس بالسنَّة. وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنَّة لها قبلها هو مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه, وأحدُ الوجهين لأصحاب الشافعي (٢).

والذين قالوا: لها (٣) سنة، منهم من احتجَّ بأنها ظهرٌ مقصورةٌ, فيثبت (٤) لها أحكام الظهر. وهذه حجَّة ضعيفة جدًّا، فإنَّ الجمعة صلاة مستقلَّة بنفسها تُخالِف الظهرَ في الصفة (٥) والعدد والخطبة والشروط المعتبرة لها، وتوافقها في الوقت. وليس إلحاق مسألة النزاع بمورد الاتفاق أولى من إلحاقها بموارد الافتراق، بل إلحاقُها بموارد الافتراق أولى لأنها أكثر مما اتفقا (٦) فيه.

ومنهم من أثبت السنَّة لها بالقياس على الظهر. وهذا أيضًا قياس فاسد، فإن السنَّة ما كان ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله أو فعله أو سنَّة خلفائه الراشدين، وليس في مسألتنا شيء من ذلك. ولا يجوز إثبات السُّنن في مثل هذا بالقياس، لأن هذا مما انعقد سببُ فعله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا لم يفعله ولم يشرعه كان تركه هو السنة.

ونظير هذا أن يُشرَع لصلاة العيد سنَّةٌ قبلها أو بعدها بالقياس. ولذلك كان الصحيح أنه لا يُسَنّ الغسلُ للمبيت بمزدلفة ولا لرمي الجمار ولا


(١) لم يرد «من» في ق، م، ن.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١٨٩) والمصنف صادر عن كلام شيخه في المسألة.
(٣) ق، مب: «إنها».
(٤) ما عدا ق، م، مب: «فثبت».
(٥) ق، م: «السفر». وفي مب: «الجهر».
(٦) في ص: «اتفق».