للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى فرغ منها» الحديث. وفي «الصحيحين» (١) أيضًا (٢) عن جابر «أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قام، فبدأ بالصلاة، ثم خطب الناسَ بعدُ. فلما فرغ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - نزَل، فأتى النساءَ فذكَّرهن» الحديث. وهذا يدل على أنه كان يخطب على منبر أو راحلته، ولعله كان قد بني له منبر من لَبِن وطين أو نحوه؟

قيل: لا ريب في صحَّة هذين الحديثين، ولا ريب أنَّ المنبر لم يكن يُخرَج من المسجد. وأولُ من أخرجه مروان بن الحكم، فأُنكِرَ عليه. وأمَّا منبر اللَّبِن والطين فأوَّلُ من بناه كَثير بن الصَّلْت في إمارة مروان على المدينة كما هو في «الصحيحين» (٣). فلعله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم في المصلَّى على مكان مرتفع، أو دُكَّان ــ وهي التي تُسمَّى المِصْطَبَّة ــ ثم ينحدر منه إلى النساء، فيقف عليهن، ويخطبهن، فيعظهن ويذكِّرهن. والله أعلم.

وكان يفتتح خطبه كلَّها بالحمد لله. ولم يُحفَظ عنه في حديث واحد أنه افتتح خطبتي العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في «سننه» (٤) عن سعد (٥) مؤذِّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر التكبير (٦) بين أضعاف


(١) البخاري (٩٦١، ٩٧٨) ومسلم (٨٨٥)، وقد تقدم جزء منه.
(٢) «أيضًا» من ق، م، مب، ن.
(٣) البخاري (٩٥٦) ومسلم (٨٨٩) من حديث أبي سعيد، وفيه قصة إنكاره على مروان. وذِكر الطين واللبن عند مسلم فقط.
(٤) برقم (١٢٨٧)، وأخرجه الحاكم (٣/ ٦٠٧) والبيهقي (٣/ ٢٩٩) من حديث عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن عن أبيه عن أبيه عن جده. وعبد الرحمن بن سعد ضعيف، وأبوه وجدّه كلاهما مجهول.
(٥) زاد الفقي بعده: «القرظ». وكذا في طبعة الرسالة.
(٦) لفظ ابن ماجه: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبِّر». وفي مطبوعة «السنن الكبرى»: «يكبِّر التكبير».