للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعاء، فلا يقطعه بصلاة العصر؛ وأرفقَ بالمزدلفة أن يتصل له المسيرُ، ولا يقطعه بالنزول للمغرب، لما في ذلك من التضييق على الناس. والله أعلم (١).

فصل

ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - الجمعُ راتبًا (٢) في أسفاره كما يفعله كثير من الناس، ولا الجمعُ حالَ نزوله أيضًا. وإنما كان يجمع إذا جدَّ به السَّيرُ أو إذا سار عقيب الصلاة كما ذكرنا في قصة تبوك.

وأما جمعُه وهو نازلٌ غيرُ مسافر، فلم يُنقَل ذلك عنه إلا بعرَفة لأجل اتصال الوقوف كما قال الشافعي وشيخنا. ولهذا خصَّه أبو حنيفة بعرفة، وجعله من تمام النُّسك، ولا تأثير للسفر عنده فيه. وأحمد ومالك والشافعي جعلوا سببه السفر، ثم اختلفوا، فجعل الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه التأثيرَ للسفر الطويل، ولم يجوّزاه (٣) لأهل مكة. وجوَّز مالك وأحمد في الرواية الأخرى عنه لأهل مكة الجمعَ والقصرَ بعرفة، واختارها شيخنا وأبو الخطاب في «عباداته» (٤). ثم طرد شيخنا هذا وجعله أصلًا في جواز القصر والجمع في طويل السفر وقصيره كما هو مذهب كثير من السلف، وجعله


(١) «والله أعلم» من م، ق، مب.
(٢) يعني: دائمًا. وفي الطبعة الميمنية وما بعدها: «راكبًا»، وهو تحريف.
(٣) ص، ج، ك: «ولم يجوزوا». وكذا كان في ع، فأصلح.
(٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١١، ٤٤)، (٢٦/ ١٧٠) و «جامع المسائل» (٦/ ٣٢٣) و «اختيارات شيخ الإسلام» للبعلي (ص ٧٤) و «الإنصاف» (٢/ ٣٣٥). وفي كل هذه المواضع أحيل على «العبادات الخمس» لأبي الخطاب، ولكن لم أقف على قوله في المطبوع منه.