للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سحابٌ فأكمِلوا العدَّة عدَّة شعبان».

وقال سِماك عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ: تَمارى النَّاسُ في رؤية هلال رمضان، فقال بعضهم: اليوم، وقال بعضهم: غدًا، فجاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر أنَّه رآه، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تشهدُ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول اللَّه؟»، قال: نعم. فأمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فنادى في النَّاس: صوموا. ثمَّ قال: «صوموا لرؤيته وأفطِروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فقدِّروا (١) ثلاثين يومًا ثمَّ صوموا، ولا تصوموا قبله يومًا» (٢).

وكلُّ هذه الأحاديث صحيحةٌ، فبعضها في «الصَّحيحين»، وبعضها في «صحيح ابن حبَّان» والحاكم وغيرهما، وإن كان قد أُعِلَّ بعضها بما لا يقدح في صحَّة الاستدلال بمجموعها، وتفسيرِ بعضها ببعض، واعتبارِ بعضها ببعضٍ، وكلُّها يصدِّق بعضها بعضًا، والمراد منها متَّفقٌ.

فإن قيل (٣): فإذا كان هذا هديه - صلى الله عليه وسلم - فكيف خالفه عمر بن الخطَّاب، وعليُّ بن أبي طالبٍ، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالكٍ، وأبو هريرة، ومعاوية، وعمرو بن العاص، والحكم بن أيوب (٤) الغِفاري، وعائشة


(١) ك: «فاقدروا». وفي الدارقطني: «فعدُّوا».
(٢) رواه الدارقطني (٢١٥٢) والطوسي في «مستخرجه» (٣/ ٣١١)، وصححه المصنف. ورواه الحفاظ عن سماك عن عكرمة مرسلًا وأعلُّوه به، انظر: «سنن أبي داود» (٢٣٤١) والترمذي (٦٩١) والنسائي (٢١١٢ - ٢١١٥). وفي «تحفة الأشراف» (٥/ ١٣٧، ١٣٨): وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة، لأنه كان يلقَّن فيتلقن.
(٣) جوابه بعد خمس صفحات.
(٤) كذا في النسخ, والصواب: «الحكم بن عمرو» كما نبَّه على ذلك الشيخ ابن باز, انظر: «التعليقات البازية على زاد المعاد» (ص ١٧٢).