للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلومٌ أنَّه كان معه الهدي، فهو أولى من بادر إلى ما أمر به، وقد دلَّ عليه سائر الأحاديث الَّتي ذكرناها ونذكرها.

وقد ذهب جماعةٌ من السَّلف والخلف إلى إيجاب القِران على (١) من ساق الهدي، والتمتُّع بالعمرة المفردة على من لم يَسُقِ الهدي، منهم: عبد الله بن عبَّاسٍ وجماعةٌ، فعندهم لا يجوز العدول عمَّا فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر به أصحابه، فإنَّه قرنَ وساق وأمرَ كلَّ من لا هدْيَ معه بالفسخ إلى عمرةٍ مفردةٍ، فالواجب أن يُفعَل كما فعله أو كما أمر. وهذا القول أصحُّ من قول من حرَّم فسخ الحجِّ إلى العمرة، من وجوهٍ كثيرةٍ (٢) سنذكرها إن شاء الله تعالى.

الثَّاني والعشرون: ما خرَّجا في «الصَّحيحين» (٣) عن أبي قِلابة، عن أنس بن مالكٍ قال: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه بالمدينة الظُّهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، فبات بها حتَّى أصبح. ركبَ حتَّى استوت به راحلته على البيداء، حمِدَ الله وسبَّح ثمَّ أهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ، وأهلَّ النَّاس بهما. فلمَّا قدِمنا أمر النَّاسَ فحلُّوا، حتَّى إذا كان يوم التَّروية أهلُّوا بالحجِّ.

وفي «الصَّحيحين» (٤) أيضًا عن بكر بن عبد الله المزنيِّ، عن أنس قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبِّي بالحجِّ والعمرة جميعًا، قال بكر: فحدَّثتُ بذلك ابن عمر فقال: لبَّى بالحجِّ وحده. فلقيتُ أنسًا، فحدَّثته بقول ابن عمر فقال


(١) ك، ع: «إلى».
(٢) «كثيرة» ليست في ك.
(٣) البخاري (١٥٥١) ومسلم (٦٩٠).
(٤) البخاري (٤٣٥٣) ومسلم (١٢٣٢/ ١٨٥) واللفظ له.