للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن هل قال أحدٌ قطُّ عنه: إنَّه سمعه يقول: لبَّيك بحجَّةٍ مفردةٍ؟ هذا ما لا سبيل إليه. حتَّى لو وُجِد ذلك لم يُقدَّم على تلك الأساطين الَّتي ذكرناها، الَّتي لا سبيل إلى دفعها البتَّة، وكان تغليط هذا أو حملُه على أوَّل الإحرام وأنَّه صار قارنًا في أثنائه متعيِّنًا، فكيف ولم يثبت ذلك. وقد قدَّمنا عن سفيان الثَّوريِّ عن جعفر بن محمَّدٍ عن أبيه عن جابر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرنَ في حجّه. رواه زكريا السَّاجيُّ، عن عبد الله بن زياد (١) القَطواني، عن زيد بن الحُباب، عن سفيان. ولا تناقضَ بين هذا وبين قوله: أهلَّ بالحجِّ، وأفرد الحجَّ، ولبَّى بالحجِّ، كما تقدَّم.

فصل

فحصل التَّرجيح لرواية من روى القران لوجوهٍ (٢) عشرةٍ:

أحدها: أنَّهم أكثر كما تقدَّم.

الثَّاني: أنَّ طرق الإخبار بذلك تنوَّعت كما بيَّنَّاه.

الثَّالث: أنَّ فيهم من أخبر عن سماعِه لفظَه صريحًا، وفيهم من أخبر عن إخباره عن نفسه بأنَّه فعل ذلك، وفيهم من أخبر عن أمر ربِّه له بذلك، ولم يجئ شيءٌ من ذلك في الإفراد.

الرَّابع: تصديق روايات من روى أنَّه اعتمر أربعَ عُمَرٍ لها.

الخامس: أنَّها صريحةٌ لا تحتمل التَّأويل، بخلاف روايات الإفراد.


(١) كذا في جميع النسخ. والصواب: «بن أبي زياد» كما في «التقريب» والمطبوع.
(٢) ك، ص، ج: «من وجوه».