للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يَسْعَ بين الصَّفا والمروة إلا سعيًا واحدًا وهو سعيه الأوَّل، لم يَسْعَ عقيب طواف الإفاضة، ولا اعتمر بعد الحجِّ قطعًا، فهذا وهمٌ محضٌ.

وقيل (١): هذا الإسناد إلى معاوية وقع فيه غلطٌ وخطأٌ، أخطأ فيه الحسن بن علي، فجعله عن معمر عن ابن طاوس (٢)، وإنَّما هو عن هشام بن حُجَير عن ابن طاوس، وهشام ضعيفٌ.

قلت: والحديث الذي في البخاريِّ (٣) عن معاوية: «قصَّرتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمِشْقَصٍ» لم يزد على هذا، والَّذي عند مسلم (٤): «قصَّرتُ من رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمِشْقَصٍ». وليس في «الصَّحيحين» غير ذلك.

وأمَّا رواية من روى «في أيَّام العشر» (٥) فليست في «الصَّحيح»، وهي معلولةٌ أو وهمٌ من معاوية. قال قيس بن سعدٍ راويها عن عطاء عن ابن عبَّاسٍ عنه: والنَّاس ينكرون هذا على معاوية. وصدق قيس، فنحن نحلف باللَّه أنَّ هذا ما كان في العشر قطُّ.

ويشبه هذا وهمُ معاوية - رضي الله عنه - في الحديث الذي رواه أبو داود (٦) عن


(١) انظر: «حجة الوداع» (ص ٤٣٨).
(٢) رواه أبو داود (١٨٠٣)، والحديث صحيح دون قوله «لحجته»، تفرد بها الحسن بن علي. وانظر: «صحيح أبي داود - الأم» (٦/ ٦٦).
(٣) برقم (١٧٣٠).
(٤) برقم (١٢٤٦/ ٢٠٩).
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) برقم (١٧٩٤)، وأحمد (١٦٩٠٩). وإسناده ضعيف؛ وقد أعل بعلتين، الأولى: عنعنة قتادة فلم يصرح بالتحديث، والثانية: مخالفة يحيى بن أبي كثير لقتادة في إسناده، فقال يحيى: حدثني أبو شيخ الهنائي عن أخيه حمان ... ، انظر: «السلسلة الضعيفة» (٤٧٢٢).